الشروع للإطلاق إنّما يجريان في الثلاثة الأُول ؛ لأنّه أقلّ مرتبة الاعتكاف الذي يمكن أن يسلّم فيه أنّه عمل واحد يحرم إبطاله وإن أوردنا عليه الإشكال أيضاً والرابع والخامس منفصلان عنه ، ولا دليل على كونهما مبدأ اعتكاف آخر ، والنصّ مصرّح بجواز الخروج فيهما ، وعملوا به ، فلا يصح أن يقال : عموم وجوب الكفّارة يقتضي وجوبهما أيضاً.
ثمّ إن ههنا قولاً آخر نقله الشهيد الثاني في الروضة ، وهو أنّه يجب كل ثالث في المندوب ، دون ما لو نذر خمسة ، فلا يجب اليوم السادس.
قال : ومال إليه المصنف في بعض تحقيقاته (١).
ويستفاد أنّ به قائلاً من عبارة الدروس ، فإنّه قال بعد نقل القول الأشهر وقول المبسوط والسيد : ولو نذر خمسة فالأقرب وجوب السادس (٢).
وهذا يحتمل أن يكون للإحاطة بجميع أقسام الاعتكاف ، وإدراج هذا القسم أيضاً في الأشهر الّذي هو مختاره ، فيكون مراده من خلاف الأقرب قول السيد والمبسوط ، فلا يلزم منه وجود خلاف عند الأشهر.
ويحتمل أن يكون إشارة إلى خلافٍ بين الأشهر ، وأنّ بعضهم يقول بالفرق بين ما كان اليومان الأوّلان الرابع والخامس في المنذور خمسة ، أو الرابع والخامس في المندوب.
وإلى ذلك أشار في الحاشية المنقولة عنه على قوله : فالأقرب وجوب السادس.
وهذا لفظه : وجهه دخوله في مضمون الرواية والفتوى ، مع عدم تعقّل فرق بينه وبين المندوب ، بل إن كان فهو أولى بالوجوب ، ولم ينبّه بالأقرب على احتمال عدم الإلحاق بالمندوب ، بل على الخلاف المستقرّ في المسألة.
مع أنّه لا يبعد أن يقال : لا يجب السادس هنا على القولين ؛ لأن هذا الاعتكاف واجب محكوم بصحّته لا انفصال فيه ، بخلاف المندوب ، فإنّ الثلاثة لما فرغت صار
__________________
(١) الروضة البهيّة ٢ : ١٥٤.
(٢) الدروس ١ : ٣٠١.