وتردّد المحقّق في النافع (١) ، ولعلّه لأجل تأمّله في الروايتين ، وعدم رجحان المتعلّق ، وقد عرفت وجه الترجيح.
الثاني : يحرم صوم أيّام التشريق لمن كان بمنى وهي الثلاثة بعد العيد ، وهو إجماع علمائنا كما في المعتبر والتذكرة ، وكذا عن المنتهي والغنية (٢).
ولعلّ مرادهم الإجماع في الجملة ، وإلا فلا ريب في وجود الخلاف ، فإنّه يظهر منه في المعتبر أنّ القائل بحرمته مطلقاً أيضاً موجود ، حيث نسب التقييد بكونه في منى إلى الشيخ ، وأكثر الأصحاب.
فدعوى الشهيد الثاني في الروضة الإجماع على عدمه لمن ليس بمنى (٣) ، مشكل.
ولعلّه نظر إلى أنّ عبارة المعتبر تشعر بأن فهمه الخلاف في المسألة من جهة إطلاق كلام كثير منهم ، فإنّه يشمل سائر البلدان ، لا من جهة تصريح بعضهم بحرمته في سائر البلدان أيضاً.
ويمكن دفع دلالة الإطلاق على ذلك : بأنّه لعلّ من أطلق لاحظ أنّ جمعها كافٍ عن تقييد كونها بمنى ؛ لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، وأيام التشريق لا تكون ثلاثة إلا بمنى ، فإنها في غيرها يومان لا غير.
وكيف كان فالإجماع إنّما هو إذا كان بمنى ، وصرّح به في التذكرة حيث قال : حرام لمن كان بمنى عند علمائنا وأكثر العامة (٤) و (٥).
ولكنّه رحمهالله قيده في القواعد والإرشاد بما لو كان ناسكاً بحج أو عمرة (٦).
__________________
(١) المختصر النافع : ٧١.
(٢) المعتبر ٢ : ٧١٤ ، التذكرة ٦ : ٢٠٩ ، المنتهي ٢ : ٦١٦ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧١
(٣) الروضة البهيّة ٢ : ١٣٨.
(٤) المغني ٣ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١١١.
(٥) التذكرة ٦ : ٢٠٩.
(٦) القواعد ١ : ٣٨٤ ، الإرشاد ١ : ٣٠١.