اليومان اعتكافاً مستأنفاً ، فلا بد من إتمامه ، وكان شيخنا عميد الدين رحمهالله يومئ إلى عدم وجوب السادس وما بعده ، ولو قلنا بوجوب الثالث.
وفيه وقوف على مورد النصّ ، والتمسّك بالأصل ، واتّصال الاعتكاف بعضه ببعض ، وعلى هذا الوجه يقوى في الواجب عدم وجوب السادس ، انتهى.
بقي الكلام في تحقيق المسألة ، والأظهر عدم وجوب السادس حينئذٍ :
أمّا أولاً : فلأنّ الرواية ظاهرة في المندوب ، والأصل عدم الوجوب.
وأمّا ثانياً : فلظهور الفرق كما أشار إليه في الحاشية ، وتوضيحه : أنّ في المندوب قد تحقّق الاعتكاف بالثّلاثة الأُول ، وتمّ ، ولم يثبت من الشرع ما دلّ على اتّصال اليومين به ، فالرابع والخامس منفصلان عنه ، فيكون اعتكافاً آخر يجب بمضي اليومين.
وأمّا في المنذور ، فالخمسة اعتكاف واحد ، ولا انفصال بين الثلاثة والرابع والخامس ؛ لأنّ النذر جعلهما فعلاً واحداً متصلاً.
الثاني : قال الشهيد في اللمعة : ويجب الاعتكاف بالنّذر وشبهه ، وبمضي يومين.
وقال الشارح في الروضة : بعد قوله «يومين» ولو مندوبين (١).
وأُورد عليه : بأنّ الأولى حذف كلمة «ولو» لإيهامها وجوب الثالث بمضيّ يومين واجبين أيضاً ، وليس كذلك ؛ لوجوب الثالث في الواجب أوّلاً ، معيّناً كان وجوبه أو مطلقاً ، غاية الأمر أنّه ينوي في المطلق الواجب الموسّع.
أقول : لعلّ مراده رحمهالله إحاطة أقسام الوجوب بالنّسبة إلى أصل الاعتكاف والشروع فيه واستمراره ، فإن الاعتكاف في الأصل مستحب.
ومرادهم حيث يقولون : الاعتكاف مستحبّ تعاطيه والشروع فيه ممنوع ، يقولون : ويجب بالنّذر وشبهه وبمضي يومين ، والوجوب بالنذر إما يكون مطلقاً أو معيّناً بالنّسبة إلى المجموع في أوّل الأمر ، وأما بالنّسبة إلى الاستمرار فقد يكون مطلقاً ، كما في
__________________
(١) اللمعة (الروضة البهيّة) ٢ : ١٥٣.