الإثم بالتفريق وإن أجزأ بما لو علم مفاجاة رمضان أو العيد في الأثناء.
فالشروع بذلك الصوم في محاق شهر رجب ، أو في ثامن ذي قعدة الحرام ، وجعله من باب التفريق اختياراً بلا عُذر ، لأنّه صوم شهر ويوم من آخر ؛ مشكل ، فإن الظاهر من الأخبار المفيدة للإجزاء أنّه إذا اتفق الإفطار بعد شهر ويوم بلا عُذر لا يضر مع كون الزمان قابلاً للصوم ، لا أنّه يجوز اختيار شهر ويوم لا يمكن بعدهما الصوم.
ولكن التصريح بخلافه موجود في كلامهم ، قال في القواعد : ولا يجوز لمن عليه شهران متتابعان صوم ما لا يسلم فيه التتابع ، كشعبان خاصة ، ولو أضاف إليه يوماً من رجب صحّ ، وكذا من وجب عليه شهر إذا ابتدأ بالسابع عشر من شعبان ، ولو كان السادس عشر وكان تاماً صحّ وإلا استأنف (١) ، وتقرب منها عبارات غيره.
ثمّ اعلم أنّ المراد من الشهر في أمثال المقام هو الشهر الهلالي ، فقد يكتفى في ذلك بثلاثين يوماً ، كما لو شَرَع في أوّل الهلال ورؤي الهلال في ليلة الثلاثين منه ، فبالثلاثين يحصل شهر ويوم ، وقد لا يحصل إلا بواحد وثلاثين ، كما لو كان الشهر الأوّل تاماً ، فالمعيار هو شهر ويوم ، لا ثلاثون ويوم.
وأما الشهر الواحد المتتابع ، فإن كان منذوراً فالمشهور أنّه يحصل التتابع بصوم خمسة عشر يوماً منه ، ولا يجب الاستئناف ، وادّعى عليه ابن إدريس الإجماع (٢) ، وتدلّ عليه روايتا موسى بن بكر المتقدّمتان.
إلا أنّ الاستدلال بهما على الإطلاق مشكل ؛ لتقييدهما بصورة عروض أمر.
والفرق بين الشهر والشهرين أنّ المتبادر من الشهر المتتابع هو تتابع الأيّام ، بخلاف الشهرين ، فإنّه يحتمله وتتابع الشهرين ، فلا مسرح للفرق بين النصفين في لزوم التتابع في الشهر إلا بدليل ، بخلاف الشهرين ، فإن لزوم التتابع في أيّام الثاني منهما ليس
__________________
(١) القواعد ١ : ٣٨٦.
(٢) السرائر ١ : ٤١٣.