والظاهر أنّ مراده من الخروج : هو الخروج المتطاول ، وإلا فلا شبهة في جواز الخروج للضرورة.
ووجه الحكم الأخير ظاهر ؛ لعدم تحقّق الاعتكاف إلا بثلاثة أيّام ، فإذا خرج عن كونه مُعتكفاً بسبب الخروج فيبطل ، وتجب الإعادة.
وأما التفصيل الأوّل ؛ فلا يظهر له وجه إلا القياس على الشهرين المتتابعين ، وهو باطل ، وقد ردّ عليه الفاضلان في المنتهي والمعتبر بذلك (١).
ويظهر من ابن حمزة في آخر باب الاعتكاف التفصيل في الثلاثة ، فيبني على ما مضى إن ذهب الأكثر (٢) ، وعن ظاهر ابن إدريس إطلاق البناء على ما مضى (٣) ، ولم يظهر لهما وجه أيضاً.
وقال في المختلف بعد نقل قول المبسوط : والأجود أن نقول إن كان قد مضى ثلاثة أيّام صحّ اعتكافها ، ثمّ إن كانت الأيّام معينة ، فإن زال العارض وقد بقي بعضها ، وجب الرجوع إليه وإتمامها وقضاء ما فات منها ، إما عقيب الإتمام إن كان الباقي أقلّ من ثلاثة ، أو بعده إن كان الباقي ثلاثة فما زاد ، وإن لم تكن معينة ، فله أن يأتي بالباقي متى شاء ، وإن كان قد مضى أقلّ من ثلاثة استأنف (٤).
أقول : وقد بيّنا سابقاً ما يظهر منه وجه التفصيل المذكور ، وضعفناه وبينا جوابه.
الثالث : لو خرج ناسياً ، قبل إكمال الثلاثة أو ما أوجب على نفسه ، وطال زمان خروجه على الوجه المتقدم ، يبطل اعتكافه وإن لم يطل كذلك فلا يبطل ، ويرجع ويبني متى تذكّر ، فإن توانى وأخّر بلا ضرورة بطل.
وإطلاق جماعة من الأصحاب عدم البطلان بالخروج نسياناً (٥) ، لا بدّ أن يحمل
__________________
(١) المنتهي ١ : ٦٣٦ ، المعتبر ٢ : ٧٤٣.
(٢) الوسيلة : ١٥٤.
(٣) السرائر ١ : ٤٢١.
(٤) المختلف ٣ : ٥٩١ ، وانظر المبسوط ١ : ٢٩٣.
(٥) كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٩٤ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٧٣٦ ، والشهيد في اللمعة (الروضة البهيّة) ٢ : ١٥١.