وعلى هذا ، فلا تبعد كفاية دعوة المؤمن إلى نقض الصوم ، ولو من ماله ، أو بشيء قليل ، كتمرة أو زبيبة ، كما قد يقع في الوالد والولد ، بأن يلتمس الولد من والده لدفع الحر والجوع والعطش عنه ، أو الزوجة من الزوج ، أو بالعكس ، ونحو ذلك.
الثاني : أنّ المستفاد من الأدلّة هو رجحان الإفطار للمدعو ، وأما رجحان الدعوة إلى الإفطار فلا يستفاد من تلك الأدلّة بمعنى أن تكون الدعوة إلى الإفطار مستحبةً.
اللهم إلا أن يقال : له الأجر من أجل إعانته في الخير ، نعم له أجر الإطعام من حيث إنّه إطعام ، ولا دخل له في إفطار الصائم ، نعم ورد في أخبار يوم الغدير أجر عظيم لمن أفطر الصائمين فيه ، حتّى أنّ في إفطار صائم فيه ثواب إطعام عشرة فئام ، وكلّ فئام مائة ألف ، كما روي عن الرضا عليهالسلام (١).
وفي اخرى عن الصادق عليهالسلام مضافاً إلى ذلك : «ثواب من أطعم وسقى هذا العدد من الأنبياء والأوصياء والشّهداء والصالحين في القحط» (٢).
الثالث : الظاهر من الدعوة الموجبة لرجحان الإفطار هي الدعوة الناشئة عن رغبة وشوق كما يظهر من التعليل في الأخبار بإدخال السرور في قلب المؤمن ، ونحو ذلك ، فإنّه كثيراً ما يدخل على من يأكل الطعام ويدعوه إليه دفعاً لحزازة البخل والجشع ، ويكون تركه الأكل أرجح منه في نفس الأمر ، فلا بدّ أن لا يكتفى بمجرد الدّعوة. والإشكال إنّما هو في صورة عدم ظهور الحال.
ويمكن القول بأنّ الأصل في عمل المسلم الصحّة ، وفي اللفظ الحقيقة ، وظاهر الأمر والطلب هو نفس المأمور به ، بل وموافقة الغرض ، إلا أن تقوم قرينة على إرادة غيره كما في التكليفات الابتلائية ، فإنه قد تكون المصلحة في نفس الأمر وإن لم يكن في المأمور به مصلحة عنده ، وقد يكون مطلوبه حصول المأمور به أيضاً ، ولكن بدون أن يكون مرغوباً له ، ويكون مشتاقاً إليه.
__________________
(١) مصباح المتهجّد : ٦٩٦ ، الوسائل ٧ : ٣٢٦ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ١١.
(٢) التهذيب ٣ : ١٤٣ ح ٣١٧ ، الوسائل ٥ : ٢٢٤ أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب ٣ ح ١.