العشاء سحوراً أيضاً ، فيكون ذكر أحد التفسيرين في كلامهم من باب المثال.
ولعلّه إلى ذلك ينظر الترديد المنقول عن الاقتصاد.
وأظهر منه عبارة الروضة ، حيث قال في تفسيره : بأن ينوي صوم يومين فصاعداً لا يفصل بينهما بفطر ، أو صوم يوم متراخ عن الغروب ، ومنه أن يجعل عشاءه سحوره بالنية ، إلا إذا أخّر الإفطار لغيرها أو تركه ليلاً (١).
أو مشترك لفظي ، والترديد ناظر إليه ، ولكنه لا يلائم انحصار التفسير في الأخبار وكلامهم.
وأمّا حرمة ترك الإفطار في الليل من غير قصد مدخليته في الصوم ، ولا اعتبار قصده بالخصوص بالنية ، فلم نقف على ما يدلّ عليه في الأقوال والأخبار.
وما قد يتوهّم من عبارة المبسوط من الدلالة فليس بشيء ، قال في نكاح المبسوط : إنّ من خصائص النبي إباحة الوصال ، وقال : وهو أن يطوي الليل بلا أكل وشرب مع صيام النهار ، لا أن يكون صائماً ؛ لأن الصوم في الليل لا ينعقد ، بل إذا دخل الليل صار الصائم مفطراً بلا خلاف (٢) ، ومثله في التذكرة (٣) ، فإن الظاهر أنّ مرادهما أنّ تركهُ للإفطار في الليل لم يكن صوماً ، لا أنه لم يكن لقصد تركه في الليل مدخلية في الصوم حتى تلزم حرمة تركه مطلقاً على غيرهُ ، وجوازه مختصاً به.
وذلك لأنّ قوله تعالى (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٤) ونحوه لا يدلّ إلا على انقطاع الصوم عند دخول الليل ، لا وجوب الإفطار فيه ، فإنّ الإفطار أمر مباح إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ؛ لأنّ الأصل عدم الوجوب ، نعم هو مستحب.
ثمّ إنّ الإشكال الذي ذكره صاحب المدارك سابقاً أورده هنا أيضاً (٥) ، والجواب واحد.
__________________
(١) الروضة البهيّة ٢ : ١٤١.
(٢) المبسوط ٤ : ١٥٣.
(٣) التذكرة ٦ : ٢١٠.
(٤) البقرة : ١٨٦.
(٥) المدارك ٦ : ٢٨٣.