وغلّط في المختلف ابن إدريس في نقله القول عن الاقتصاد ، مع نقله هو في التذكرة ، وقال : إنّ ما ذكره في الاقتصاد «وصوم الوصال كذلك يجعل عشاءه سحوره أو يطوي يومين» قال : وقوله يعني ابن إدريس إنّه الأظهر أو الأصح ، ليت شعري من قال ذلك ، فإنّ أكثر كتب علمائنا خالية عنه ، بل نصّوا على تحريم صوم الوصال ، ولم يذكروا ما هو ، كأبي الصلاح (١) وسلار (٢) والسيد المرتضى (٣) وعلي بن بابويه ، والصدوق بن بابويه روى عن الصادق عليهالسلام قال : «الوصال الذي منهي عنه أن يجعل عشاءه سحوره» (٤) انتهى.
وربما يقال : إنّ نظر ابن إدريس إلى انفهام ذلك من لفظ الوصال ، وإنّ اعتماد الأصحاب المطلقين على الظهور من اللفظ ، وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد أيضاً.
أقول : والتحقيق أنّ كلّ واحد من التفسيرين حرام وبدعة إذا نوى ذلك ، يعني : قصد أن يكون لترك الإفطار في تمام الليل أو بعضه مدخليّة في صوم اليوم أو اليومين ، كما هو ظاهر جعَلَ عشاءه سحوراً ، وصيام ليلين متواليين بغير إفطار ؛ لا أن يكون الترك من باب الاتفاق أو لأجل غرض آخر ، إلا أن يجعل الترك في الليل من حيث هو هذا الترك عبادة أُخرى بالنية ، فذلك أيضاً بدعة ، ولكن لا دخل له في مسألة الصيام.
فالنزاع في التفسير لا يثمر ثمرة معتداً بها إلا نادراً.
وأما اعتبار مدخلية ترك الإفطار ، بمعنى أن يكون صيام الليل أيضاً منوياً ، فلعلّهم لم يقولوا به ؛ لأن زمان الصوم إنّما هو النهار.
وحينئذٍ فإما نقول : إنّ لفظ الوصال في الأخبار وكلام الفقهاء مشترك معنىً بينهما ، بل بين مطلق إدخال جزء من الليل في ترك الإفطار بالنية وإن لم يكن يجعل
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٨١.
(٢) المراسم : ٩٥.
(٣) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٥٩.
(٤) انتهى المنقول من المختلف ٣ : ٥٠٧ ، وانظر الفقيه ٢ : ١٧٢ ح ٢٠٤٧ ، والوسائل ٧ : ٣٨٨ أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب ٤ ح ٥ ، ٧.