والجواب : المنع بأنّ التتابع إنما يحصل بإكمالهما (١) ، انتهى.
أقول : والقول بعدم الإثم فتوى العلامة في كثير من كتبه (٢) ، وجعله في الدروس أقرب (٣).
وفي الأدلّة من الطرفين مجال واسع للنظر.
والذي يمكن أن يُعتمد عليه من جانب القائلين بالإثم : أنّ التتابع واجب بنص الكتاب ، ومخالفته إثم ، ولا ينافي حصول الإثم الإجزاء كما دلّت عليه صحيحة منصور ، وما في معناها من أخبار الباب.
ومن جانب المجوّزين للتفريق : صحيحة الحلبي ، ورواية سماعة ، وما في معناهما ، وجوابهم عن ظاهر الكتاب إما بمنع انفهام التتابع في أيّام الشهرين ، بل المفهوم إنّما هو التتابع بينهما ، وهو قد يحصل بوصل آخر الأوّل بأوّل الثاني ، وإن كان أيّام كلّ منهما متفرقات ، ولزوم الاتصال بين الأيّام في الشهر الأوّل في غير صورة العُذر إنّما هو بالدليل الخارجي من إجماع أو غيره ، وإما بتسليم ذلك ، والقول بأنّ صحيحة الحلبي وما في معناها قرينة لإرادة تتابع نفس الشهرين مجازاً ، أو أنّ ذلك بدل عن الشهرين المتتابعين رضي الله به عنه في صورة إفطار المكلّف بلا عُذر ومسقط للتكليف. ولا استبعاد في تخصيص القرآن بخبر الواحد ، ولا في بيان مجملة به.
وحمل الصحيحة «على أنّ المراد منها بيان أنّ إجزاء المأمور به في الآية يحصل بذلك ، لا أنّ المطلوب ليس أزيد من ذلك» بعيد ، فالظاهر أنّها بيان للجواز والإجزاء معاً.
فالظاهر إذن ترجيح القول بعدم الإثم ، ولكن الأحوط أن لا يفرّق إلى آخر الشهرين ؛ طلباً للمغفرة بالمسارعة والمسابقة إلى الخير ، وتحرّزاً عن مخالفة جماعة من العلماء.
ثمّ يُشكل المقام بناءً على القول بانفهام التتابع في مجموع أيّام الشهرين وحصول
__________________
(١) المختلف ٢ : ٥٦١ ، وانظر المقنعة : ٢٦١ ، والجمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٥٨ ، والكافي في الفقه : ١٨٩ ، والسرائر ١ : ٤١١.
(٢) المختلف ٣ : ٥٦١ ، التذكرة ٦ : ٢٢٣ ، التحرير ١ : ٨٥.
(٣) الدروس ١ : ٢٩٦.