ومن تبعه أيضاً صرّحوا بوجوب السادس ، وإن لم يتعرّضوا لما فوق السادس (١).
أقول : مراد الشهيد الثاني أنّه يتعدّى الوجوب الثابت للثالث الأوّل بسبب مضيّ يومين إلى كلّ ثالث من السادس والتاسع وغيرهما ؛ نظراً إلى مجموع الروايتين بضميمة عدم القول بالفصل.
وأمّا الشيخ ومن تبعه ، فهم وإن صرّحوا بوجوب السادس بمعنى عدم وجوب الرابع والخامس كما هو مقتضى صحيحة أبي عبيدة الدالّة على ذلك ، ولكن لا يلزم القول بوجوب الثالث بمعنى عدم وجوب الأوّل والثاني ؛ لأنهم يقولون بالوجوب بمحض الشروع في الاعتكاف ، فلزوم وجوب الثالث عندهم ليس من حيث إنه ثالث ، بل لأنّه أحد الأيّام الثلاثة.
ومراد الشهيد الثاني : الثالث من حيث إنّه ثالث ، كما هو الأشهر ، ولا يوجبون الرابع والخامس لخصوص صحيحة أبي عبيدة (٢) ، فصحّ بناء القول بوجوب كل ثالث على الأشهر ، وصحّ ذكر قول السيد عميد الدين في مقابل الأقوى من جملة أفراد القول الأشهر ، فالشيخ وأتباعه عملوا بصحيحة أبي عبيدة ، لا بصحيحة محمَّد بن مسلم (٣) ، إلا الشيخ في مفهوم آخرها. والأشهر عملوا بكليهما ، مضافاً إلى عدم القول بالفصل. والسيد عميد الدين عمل برواية محمّد بن مسلم فقط ، مع حملها على ما بيّناه في وجه الاستدلال على المختار.
ومما ذكرنا يظهر : أنّا إذا بنينا على قول المبسوط وأتباعه ، فتخصيص الوجوب بمحض الشروع بالثلاثة الأُول أولى ؛ لأن صحيحة أبي عبيدة مصرّحة بجواز الخروج في الرابع والخامس ، وهم عملوا بها كما مرّ ، ولأنّ الدليل الذي ذكرناه لهم من حرمة إبطال العمل ، ومن وجوب الكفّارة على المعتكف المجامع الدالّ على وجوبه بمجرد
__________________
(١) الروضة البهيّة ٢ : ١٥٣ ، وانظر المبسوط ١ : ٢٨٩.
(٢) الكافي ٤ : ١٧٧ ح ٤ ، الفقيه ٢ : ١٢١ ح ٥٢٧ ، الوسائل ٧ : ٤٠٤ أبواب الاعتكاف ب ٤ ح ٣.
(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ ح ٣ ، الوسائل ٧ : ٤٠٤ أبواب الاعتكاف ب ٤ ح ١.