ومن ثم ركن إلى طريقة حكيمة فأعلن (النفير) إلى العشار فارتاب الشيخ من ذلك ولكن الوزير طير إليه الخبر ودعاه طالبا منه النجدة فورد إليه وذهب الوزير معه مسيرة مرحلة واحدة وحينئذ ألقى القبض عليه وعلى من معه وهم نحو مائتي فارس أو ثلاثمائة فشد وثاقهم ثم أمر بقتلهم لاعتقاده أنهم مضرون لا يمكن اصلاحهم فأباد أكابر رجالهم (١).
برّر مؤرخونا أمر الغدر بالشيخ عبد القادر بكل ما أوتوا من بيان ولم يذكروا ما يؤيد ذلك وجلّ ما قالوا إنه يتحرك بالخفاء ويغري غيره. وإن جاز الغدر في السياسة فإنه ينبىء عن ضعف وما نسب إلى الشيخ عبد القادر لا يستوجب قتله ولو جوّز قتله فما الداعي لقتل أعوانه الأبرياء! فهذه السياسة غير رشيدة. أفهمت العرب أن يحترسوا من الحكومة ولا يطيعوا أمرها لأنها تقتل كل من أطاع ... وهذا ما جعل التنافر بين العشائر والحكومة وبذلك زال التفاهم والاطمئنان المتقابل وماشى المؤرخون فكرة الحكومة بالرغم من خطلها. وكذا يقال عن التنديد بالعرب وإنهم مجبولون على الظلم والاعتداء ... هذا والقلم بأيديهم يسطر ما شاؤوا من ذم للعرب ومدح لعمل الوزير بلا مبرّر ...
وهذه الحادثة لم يذكرها بعض المؤرخين لما فيها من الغدر بما لا يقبل العذر ، فأضربوا عن ذكرها خوف الفضيحة وسوء السمعة.
حوادث سنة ١١٢١ ه ـ ١٧٠٩ م
غزيّة :
بعد أن دمر الوزير عشائر زبيد عاد إلى بغداد. ولم تمض أيام حتى جاءه أمير قشعم شبيب يشكو حال غزيّة ويقول إنهم اتفقوا مع شيخ
__________________
(١) حديقة الزوراء ، وقويم الفرج.