ولا يبدأ الدّافع ما لم يتحقّق قصده إليه ، وله دفعه ما دام مقبلا ، فإذا أدبر كفّ عنه ، ولو ضربه مقبلا فقطع يده ، فلا ضمان عليه في الجراح ولا في السراية ، فان ولى فضربه فقطع رجله ، فالرّجل مضمونة بالقصاص ، أو الدية إن اندملت ، ولو سرت الأولى فلا ضمان فيها ، ولو اندملت الأولى وسرت الثانية ، ثبت القصاص في النفس ، ولو سرتا معا ثبت القصاص بعد ردّ نصف الدّية ، فإن عاد المدفوع بعد قطع العضوين فقطع الدّافع يده الثّانية ، فاليدان غير مضمونتين ، ولو سرى الجميع قال في المبسوط (١) : عليه ثلث الدية إن تراضيا ، وإن اقتصّ الوليّ جاز له ذلك إذا ردّ ثلثي الدّية ، والوجه عندي أنّ عليه نصف الدية ، لأنّ الجرحين من واحد فصار كما لو جرحه واحد مائة والاخر جرحا واحدا ، ثمّ سرى الجميع ، فإنّ الدّية عليهما بالسّوية.
قال الشيخ رحمهالله : ولو قطع يده ثمّ رجله مقبلا ويده الأخرى مدبرا ، وسرى الجميع ، فعليه نصف الدية (٢) فإن طلب الوليّ القصاص كان له ذلك بعد ردّ نصف الدية.
ولو لم يمكنه الدفع إلّا بالقتل ، أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله ، فله ضربه بما يقتله ، أو يقطع طرفه ، وما أتلفه فهو هدر.
٦٩٠٨. السّادس عشر : كلّ من عرض لإنسان يريد ماله أو نفسه ، فحكمه ما ذكرنا فيمن يريد دخول المنزل في الدفع بالأسهل فالأسهل ، فإن كان بينه وبينهم
__________________
(١) المبسوط : ٨ / ٧٦ ـ كتاب الدفع عن النّفس.
(٢) كذا في الشرائع : ٤ / ١٩٠ ، ولكن في المبسوط : ٨ / ٧٦ «فإن قطع يده مقبلا وأقام على إقباله فقطع الأخرى ، ثمّ ولى فقطع رجله ثمّ سرى إلى نفسه فمات ، كان عليه نصف الدّية».