التقدير : أنه يتجنب الآثام فاذا تجنبها فقد أتى بحسنة ثم يخاف أن لا تكون تلك الحسنة مقبولة ، فكأنما حسناته آثام فلم يخف الحسنة لكونها حسنة وإنّما خاف ما يتصل بها من الرد فكأنها مخوفة كما تخاف الآثام.
ومنه قول أبى نواس :
سنّة العشّاق واحدة |
|
فاذا أحببت فاستكن |
فحذف الاستكانة من الأول وذكرها فى المصراع الثانى ، لأنّ التقدير : سنة العاشقين واحدة وهى أن يستكينوا ويتضرعوا ، فاذا أحببت فاستكن.
الضرب الرابع : ما ليس بسبب ولا مسبب ، ولا إضمار على شريطة التفسير ، ولا استئناف.
فمن حذف الجمل المفيدة فيه قوله تعالى : (قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ)(١) ، فانه حذف من هذا الكلام جملة مفيدة تقديرها : فرجع الرسول فأخبرهم بمقالة يوسف فعجبوا لها أو فصدقوه عليها وقال الملك : «ائتونى به».
ومن حذف الجمل غير المفيدة قوله تعالى : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا* قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً* قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا.
__________________
(١) يوسف ٤٧ ـ ٥٠.