كانت فى المنظر أحسن من الألوان المتقاربة وبهذا كان البياض مع السواد أحسن منه مع الصفرة لقرب ما بينه وبين الأصفر وبعد ما بينه وبين الأسود. وإذا كان هذا موجودا على هذه الصفة لا يحسن النزاع فيه كانت العلة فى حسن اللفظة المؤلفة من الحروف المتباعدة هى العلة فى حسن النقوش إذا مزجت من الألوان المتباعدة» (١).
لقد جمعت لفظة «الهعخع» القبح من أطرافه ، لأنّ جميع حروفها حلقية ، وحرف حلقى واحد يبعث على الثقل فكيف إذا اجتمع الهاء والعين والخاء فى كلمة واحدة؟ ولفظة «مستشزرات» ـ وإن كانت أخف منها ـ ثقيلة لتوسط الشين التى هى من الحروف المهموسة الرخوة بين التاء التى هى من المهموسة الشديدة والزاى التى هى من المجهورة الرخوة. ويرى النقاد أنّ امرأ القيس لو قال : «مستشرف» لزال الثقل.
٢ ـ الغرابة : وهى أن تكون الكلمة وحشية لا يظهر معناها فيحتاج فى معرفته إلى البحث فى كتب اللغة ، كما روى عن عيسى بن عمر النحوى أنّه سقط عن حماره فاجتمع عليه الناس فقال : «ما لكم تكأكأتم علىّ تكأكؤكم على ذى جنّة ، افرنقعوا عنى».
أو يخرج له وجه بعيد كما فى قول العجاج :
وفاحما ومرسنا مسرّجا
فانه لم يعرف ما أراد بقوله «مسرجا» حتى اختلف فى تخريجه ، فقيل : هو من قولهم للسيوف «سريجية» منسوبة إلى قين يقال له سريج ، يريد أنّه فى الاستواء والدقة كالسيف السريجى. وقيل : من السراج ، يريد أنّه فى البريق كالسراج ، وهذا يقرب من قولهم : «سرج وجهه» أى : حسن ، و «سرّج الله وجهه» أى : بهّجه وحسّنه.
__________________
(١) سر الفصاحة ، ٦٦.