ونتساءل : من الذي أعطى المواد التي تصنع منها السفن خاصية الطفو على سطح الماء؟
فالسفينة بما تحمل أثقل من الماء بكثير ، ولو لم تكن تلك القوّة الدافعة للماء ، هل بإمكاننا العوم على سطح المياه؟
ومن الذي يحرك الرياح على سطح البحر؟
بل من أعطى البحار القوّة لتحريك السفينة في مسيرها على سطح الماء؟
أو ليس ذلك كله من نعم الله تعالى؟
وممّا يكشف عن عظم نعمة البحار أنّها : أوسع بكثير من الطرق البرية ، أقلّ كلفة ، أكثر أهلية للحركة ، أعظم وسيلة نقلية للبشر ، وذلك بملاحظة كبر السفن المستخدمة في النقل وضخامة ما تحمله.
ثمّ يأتي الحديث عن الجبال بعد عرض فوائد البحار : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (١).
كما قلنا سابقا فإنّ الجبال متصلة من جذورها وتقوم بتثبيت الأرض ممّا يجعلها مانعا حصينا من الزلازل الأرضية الشديدة الناشئة من الغازات الكامنة في باطن الأرض والمهددة بالخروج في أية لحظة على شكل زلزال.
إضافة لخاصية الجبال في مد القشرة الأرضية بالمقاومة اللازمة أمام جاذبية القمر (التي تسبب ظاهرة المد والجزر) ويقلل من أثرها إلى حد كبير.
وللجبال من جانب ثالث القدرة على تقليل شدة حركة الرياح وتوجيه حركتها ، ولو لم تكن الجبال لكن سطح الأرض عرضة للعواصف الشديدة المستمرة.
ثمّ يتطرق القرآن الكريم مباشرة إلى نعمة الأنهار ، لما بين الجبال والأنهار من
__________________
(١) (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) على تقدير (لئلا تميد بكم) أو (كراهة أن تميد بكم).