علاقة وثيقة حيث تعتبر الجبال المخازن الأصلية للمياه ، فيقول : (وَأَنْهاراً).
ثمّ يقطع القرآن الكريم الوهم الحاصل عند البعض من أن الجبال حاجز بين ارتباط الأراضي فيما بينها بالإضافة لكونها مانعا رهيبا أمام حركة النقل ، فيقول (وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١).
وهذه المسألة ملفتة للنظر حقا ، حيث نجد طرق عبور يستطيع أن يتخذها الإنسان سبيلا لتنقلاته بين أكبر السلاسل الجبلية وعورة في العالم ، وقليلا ما يكون هناك قطع كامل بين المناطق بسبب الجبال.
ثمّ يضيف قائلا : (وَعَلاماتٍ) لأنّ الطريق لوحدها لا يمكنها أن توصل الإنسان لمقصده دون وجود علامات فارقة ومميزات شاخصة يستهدي بها الإنسان لسلك ما يوصله لمأربه ، ولذا ذكر هذه النعمة.
ومن تلك العلامات : شكل الجبال ، الأودية ، الممرات ، الارتفاع والانخفاض ، لون الأرض والجبال وحتى طبيعة حركة الهواء.
ولمعرفة ما لوجود هذه العلامات من أهمية ، يكفينا أن نلقي نظره إلى حال الصحاري الواسعة ذات الصفة الواحدة الموجودة في بعض مناطق العالم ، حيث عملية التنقل فيها أمر صعب مستصعب إلى حد كبير ، إضافة لخطورته الكبيرة ، وكم هناك من مسافر دخل فيها ولم يعد ...
فلو كان سطح الأرض كله على شاكلة الصحاري ، كأن تكون الجبال كلها بشكل وحجم واحد ، وحقولها بلون واحد ، وأوديتها متشابهة تماما .. فهل كان من اليسير على الإنسان أن يسير عليها؟!
وأمّا في حال عدم تشخيص هذه العلامات بسبب ظلمة الليل في أيّ من
__________________
(١) تعتبر هذه الآية إحدى المعجزات العلمية للقرآن الكريم ، حيث ذكرت هذا الأمر وبما يحمل من ظواهر علمية في زمن لم يصل الإنسان لاكتشافه بعد.
ولأجل مزيد من التوضيح راجع كتابنا (القرآن وآخر نبي) ـ فصل المعجزات العلمية للقرآن.