الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بهم كثيرا وكذا المسلمون من بعد ، وذلك لأنّهم جعلوا حياتهم المادية وما يملكون في خدمة الدعوة الإسلامية المباركة ، ممّا حدا بالبعض أن يعرض حياته للمخاطر ، والبعض الآخر ترك كل أمواله (كصهيب) معتبرا نفسه رابحا في هذه الصفقة المباركة.
ولو لم تكن تلك التضحيات لأولئك المهاجرين لما سمح المحيط الفاسد في مكّة وتحكم الشياطين عليها بأن يخرج صوت الإسلام ليعم أسماع الجميع ، ولكتم الصوت وقبر في صدور المؤمنين إلى الأبد ، ولكنّ المهاجرين بتحولهم المدروس الواعي وهجرتهم المباركة لم يفتحوا مكّة فحسب ، وإنّما أوصلوا صوت الإسلام إلى أسماع العالم ، فأصبحت الهجرة سنّة إسلامية تجري على مرّ التأريخ إذا ما واجهت ما يشبه ظروف مكّة قبل الهجرة.
٢ ـ التعبير ب (هاجَرُوا فِي اللهِ) من دون ذكر كلمة «سبيل» إشارة إلى ذروة الإخلاص الذي كان يحملونه أولئك المهاجرون الأول ، فهم هاجروا لله وفي سبيله وطلبا لرضاه وحماية لدينه ودفاعا عنه ، وليس لنجاتهم من القتل أو طلبا لمكاسب مادية أخرى.
٣ ـ وتظهر لنا جملة (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) عدم ترك الميدان فورا ، بل لا بدّ من الصبر والتحمل قدر الإمكان.
أمّا عند ما يصبح تحمل العذاب من العدو باعثا على زيادة جرأته وجسارته ، وإضعاف المؤمنين .. فهنا تجب الهجرة لأجل كسب القدرة اللازمة وتهيئة خنادق المواجهة المحكمة ، ويستمر بالجهاد على كافة الأصعدة من موقع أفضل ، حتى تنتهي الحال إلى نصر أهل الحق في الساحات العسكرية والعلمية والتبليغية ...
٤ ـ أمّا قوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) «نبوئنهم» من (بوأت له مكانا) أي هيأته له ووضعته فيه ـ فيشير إلى أن المهاجرين في الله وإن كانوا ابتداء يفتقدون إلى الإمكانيات المادية المستلزمة للمواجهة ، إلّا أنّهم في النهاية ـ حتى