رقم (٢) من سورة الأنعام وكذا ذيل الآية (٣٤) من سورة الأعراف.
* * *
ويعود القرآن الكريم ليستنكر بدع المشركين وخرافاتهم في الجاهلية (حول كراهية المولود الأنثى والإعتقاد بأنّ الملائكة إناثا ، فيقول : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ).
فهذا تناقض عجيب ـ وكما جاء في الآية (٢٢) من سورة النجم (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) فإن كانت الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى فينبغي أن تكون البنات أمرا حسنا ، فلما ذا تكرهون ولادتها؟! وإن كانت شيئا سيئا فلما ذا تنسبونها إلى الله؟!
ومع كل ذلك .. (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى).
فبأي عمل تنتظرون حسنى الثواب؟! أبوأدكم بناتكم؟! أم بافترائكم على الله؟! ..
وجاءت «الحسنى» (وهي مؤنث أحسن) هنا بمعنى أفضل الثواب أو أفضل العواقب ، وذلك ما يدعيه أولئك المغرورون الضالون لأنفسهم مع كل ما جاؤوا به من جرائم!
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه : كيف يقول عرب الجاهلية بذلك وهم لا يؤمنون بالمعاد؟
والجواب : أنّهم لم ينكروا المعاد مطلقا ، وإنّما كانوا ينكرون المعاد الجسماني ، ويستوعبون مسألة عودة الإنسان إلى حياته المادية مرّة أخرى.
إضافة إلى إمكان اعتبار قولهم قضية شرطية ، أي : إن كان هناك معاد حقّا فسيكون لنا في عالمه أفضل الجزاء! وهكذا هو تصور كثير من الجبابرة والمنحرفين فبالرغم من بعدهم عن الله تعالى يعتبرون أنفسهم أقرب الناس إليه ، ويتشدّقون بادّعاءة هزيلة مدعاة للسخرية!