الفكرية ، لمواجهة الخطر وإزالته ، وإلّا فالطريق مهيأ أمام العدو لإهلاك المجتمع كله ، أو أنّ الحوادث الطبيعية ستدمر أكبر قدر من الناس والممتلكات.
والأصلان يحكمان نظام بدن الإنسان أيضا بشكل طبيعي ، ففي الأحوال العادية تقوم جميع الأعضاء بالتعاضد فيما بينها ، وكلّ منها يؤدي ما عليه من وظائف بالاستعانة بما تقوم به بقية الأعضاء (وهذا هو أصل العدالة).
ولكن .. عند ما يصاب أحد الأعضاء بجرح أو عطل يسبب في فقدانه القدرة على أداء وظيفته ، فإنّ بقية الأعضاء سوف لن تنساه ، لأنّه توقف عن عمله ، بل تستمر في تغذيته ودعمه ... إلخ ، (وهذا هو الإحسان).
وفي المجتمع كذلك ، حيث ينبغي للمجتمع السليم أن يحكمه هذان الأصلان.
وما جاء في الرّوايات وفي أقوال المفسّرين ، من بيانات مختلفة في الفرق بين العدل والإحسان ، لعل أغلبها يشير إلى ما قلناه أعلاه.
فعن علي عليهالسلام أنّه قال : «العدل : الإنصاف ، والإحسان : التفضل» (١) وهذا ما أشرنا إليه.
وقال البعض : إنّ العدل : أداء الواجبات ، والإحسان : أداء المستحبات.
وقال آخرون : إنّ العدل : هو التوحيد ، والإحسان : هو أداء الواجبات.
(وعلى هذا التّفسير يكون العدل إشارة إلى الإعتقاد ، والإحسان إشارة إلى العمل).
وقال بعض : العدالة : هي التوافق بين الظاهر والباطن ، والإحسان : هو أن يكون باطن الإنسان أفضل من ظاهره.
واعتبر آخرون : أنّ العدالة ترتبط بالأمور العمليّة ، والإحسان بالأمور ، الكلامية.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٢٣١.