وكما قلنا فإنّ بعض هذه التفاسير ينسجم تماما مع التّفسير الذي قدّمناه أعلاه ، وبما أنّ البعض الآخر لا ينافيه فيمكن والحال هذه الجمع بينهما.
أمّا مسألة (إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) فتندرج ضمن مسألة «الإحسان» حيث أن الإحسان يشمل جميع المجتمع ، بينما يخص هذا الأمر جماعة صغيرة من المجتمع الكبير وهم ذوو القربى ، وبلحاظ أنّ المجتمع الكبير يتألف من مجموعات ، فكلما حصل في هذه المجموعات انسجام أكثر ، فإنّ أثره سيظهر على كل المجتمع ، والمسألة تعتبر تقسيما صحيحا للوظائف والمسؤوليات بين الناس ، لأنّ ذلك يستلزم من كل مجموعة أن تمديد العون إلى أقربائها (بالدرجة الأولى) ممّا سيؤدي لشمول جميع الضعفاء والمعوزين برعاية واهتمام المتمكنين من أقربائهم.
وعلى ما نجده في بعض الأحاديث من أنّ المقصود بـ «ذي القربى» هم أهل بيت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وذريته من الأئمّة عليهمالسلام ، والمقصود ب (إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) هو أداء الخمس، فإنّه لا يقصد منه تحديد مفهوم الآية أبدا ، بل هو أحد مصاديق المفهوم الواضحة ، ولا يمنع إطلاقا من شمول مفهوم الآية الواسع.
لو اعتبرنا مفهوم «ذي القربى» بمعنى مطلق الأقرباء ، سواء كانوا أقرباء العائلة والنسب ، أو أقرباء من وجوه أخرى ، فسيكون للآية مفهوم أوسع ليشمل حتى الجار والأصدقاء وما شابه ذلك (ولكنّ المعروف في ذلك قربى النسب).
ولإعانة المجموعات الصغيرة (الأقرباء) بناء محكم من الناحية العاطفية ، إضافة لما لها من ضمانة تنفيذية.
وبعد ذكر القرآن الكريم للأصول الإيجابية الثلاثة يتطرق للأصول المقابلة لها (السلبية) فيقول : (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).
وتحدث المفسّرون كثيرا حول المصطلحات الثلاثة «الفحشاء» ، «المنكر» ، «البغي» ، إلّا أنّ ما يناسب معانيها اللغوية بقرينة مقابلة الصفات مع بعضها الآخر يظهر أنّ «الفحشاء» : إشارة إلى الذنوب الخفية ، و «المنكر» : إشارة إلى الذنوب