ينته بدخول القوم المنتصرين (على اليهود) إلى بيت المقدس حتى يخرّبوه؟
خامسا : الاحتمال الأخير الذي ورده البعض في تفسير الإفسادين الكبيرين لبني إسرائيل ، يرتبط بأحداث ما بعد الحرب العالمية الثّانية ، حيث يقول هؤلاء : إن قيام الحزب الصهيوني وتشكيل دولة لليهود باسم «إسرائيل» في قلب العالم الإسلامي مثّل الإفساد والطغيان والعلو الأوّل لهم ، وبذلك فإنّ وعي البلاد الإسلامية لخطر هؤلاء الشعوب الإسلامية في ذلك الوقت إلى التوحدّ وتطهير بيت المقدس وقسما آخر من مدن وقرى فلسطين ، حتى أصبح المسجد الأقصى خارج نطاق احتلالهم بشكل كامل.
أمّا المقصود من الإفساد الثّاني حسب هذا التّفسير ، فهو احتلال اليهود مجددا للمسجد الأقصى بعد أن حشدت «إسرائيل» قواها واستعانت بالقوى الدولية الاستعمارية في شن هجومها الغادر (عام ١٩٦٧).
وبهذا الشكل يكون المسلمون اليوم في انتظار النصر الثّاني على بني إسرائيل ، ليخلّصوا المسجد الأقصى من دنس هؤلاء ويقطعوا دابرهم عن كل الأرض الإسلامية. وهذا ما وعد به المسلمون من فتح ونصر آت بلا ريب (١).
بالطبع هناك تفاسير وآراء أخرى في الموضوع صرفنا النظر عنها ، ولكن ينبغي أن يلاحظ أنّ في حال اعتماد التفسيرين الرّابع والخامس ، ينبغي أن نحمل الأفعال الماضية في الآية على معنى الفعل المضارع. وهذا ممكن في أدب اللغة العربية ، وذلك إذا جاء الفعل بعد حرف من حروف الشرط.
ولكن يستفاد من ظاهر قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) إنّ الإفساد الأوّل على الأقل ـ والانتقام الإلهي من بني إسرائيل كان قد وقع في الماضي.
__________________
(١) يلاحظ هذا الرأي العدد (١٢) السنة (١٢) من جملة «عقيدة الإسلام» وقد كتب البحث في عددين إبراهيم الأنصاري.