دون غيرها من الصفات والأعمال. في الواقع يمكن أن يكون ذلك بسبب أنّ الإيمان بالآخرة هو صمام أمان يضبط الإنسان عن ارتكاب المعاصي والذنوب. ثمّ إنّ إنكار القيامة يعتبر إنكارا لوجود الله تعالى ، وإلّا كيف يستقيم للإنسان أن يؤمن بالله العادل الحكيم ولا يؤمن بوجود آخرة يحاسب فيها الإنسان على أعماله وينال حسابه العادل!؟
ثمّ إنّ حديث الآية هو عن العقاب والثواب وهو يتناسب مع الحديث عن الإيمان باليوم الآخر.
الآية التي بعدها تنساق في نفس اتجاه البحث وتشير إلى احدى العلل المهمّة لعدم الإيمان وتقول بأنّ عجلة الإنسان وتسرعه وعدم اطلاعه على الأمور وإحاطته بها تسوقه إلى أن يساوي في جهده بين دعائه بالخير وطلبه ، وبين دعائه بالشر وطلبه له! تقول الآية : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ).
لما ذا؟ : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً).
إنّ كلمة «دعا» هنا تنطوي على معنى واسع يشمل كل طلب ورغبة للإنسان ، سواء أعلن عنها بلسانه وكلامه ، أو سعى إليها بعمله وجهده وسلوكه.
إنّ استعجال الإنسان واندفاعه في سبيل تحصيل المنافع لنفسه ، تقوده إلى النظرة السطحية للأمور بحيث أنّه لا يحيط الأشياء بالدراسة الشاملة المعمّقة ممّا يفوّت عليه تشخيص خيره الحقيقي ومنفعته الواقعية ، وهكذا بنتيجة تعجّله واندفاعه المضطرب يضيع عليه وجه الحقيقة ، ويتغيّر مضمونها بنظره ، فيقود نفسه باتجاه الشر والأعمال السيئة الضارّة.
وهكذا ينتهي الإنسان ـ نتيجة سوء تشخيصه واضطراب مقياسه في رؤية الخير والحقيقة ـ إلى أن يطلب من الله الشر ، تماما كما يطلب منه الخير ، وأن يسعى وراء الأعمال السيئة ، كسعيه وراء الأعمال الحسنة. وهذا الاضطراب