«العاجلة» تعني النعم الزائلة ، أو الدنيا الزائلة.
والظريف في الآية ، أنّها لا تقول : إنّ من يسعى وراء الدنيا ، ويجعلها كلّ همه ، يحصل على كلّ ما يريد ، بل هي قيّدت ذلك بشرطين هما :
أوّلا : سيحصل على جزء ممّا يريده ، وأنّ هذا الجزء هو المقدار الذي نريده نحن ، أي (ما نشاء).
والشرط الثّاني الذي يقيّد رغبة الساعي إلى الدنيا ، فهو : إنّ جميع الأشخاص ـ رغم سعيهم الدنيوي ـ لا يحصلون على هذا المقدار ، وإنما قسم منهم سيحصل على جزء من متاع الدنيا. وهذا معنى قوله : (لِمَنْ نُرِيدُ).
وبناء على ذلك ، فلا كلّ طلّاب الدنيا يحصلون عليها ، ولا أولئك الذين يحصلون على شيء منها ، يحصلون على ما يريدون. ومسير الحياة اليومية يوضح لنا هذين الشرطين ، إذ ما أكثر الذين يكدون ليلا ونهارا ولكنّهم لا يحصلون على شيء.
وما أكثر الذين لهم أمنيات كبيرة وطموحات متعددة ومشاريع بعيدة ، ولكن لا يحصلون إلّا على القليل منها.
وفي هذا تحذير الدنيا إنّكم إذا تصورتم بأنّكم ستصلون إلى أهدافكم عن طريق بيع الآخرة بالدنيا ، فهذا خطاء واشتباه كبير ، حيث أنّكم في بعض الأحيان قد لا تحققون أي هدف ، وفي أحيان أخرى قد تحققون بعض أهدافكم.
وعادة ما تكون للإنسان آمال كبيرة ومتعدّدة ، لا يمكن إشباعها في هذه الدنيا المادية المحدودة ، فلو أعطيت الدنيا كلّها إلى شخص واحد ، فقد لا يقتنع بها!
أمّا الأشخاص الذين يكدّون ولا يصلون إلى شيء ، فلذلك أسباب مختلفة ، إذ قد يكون هناك أمل في إنقاذهم ، والله بذلك يحبهم وييسر سبل الهداية لهم. أو يكون السبب أنّهم إذا وصلوا إلى مرحلة ما من أهدافهم ورغباتهم ، فسيطغون ويؤذون خلق الله ، ويضيقون عليهم الخناق.