«يصلى» مشتقة من «صلى» وهي تعني إشعال النّار ، وأيضا تعني الحرق بالنّار ، والمقصود منها هنا هو المعنى الثاني.
والجدير بالانتباه هنا ، أنّ عاقبة هذه المجموعة من الناس ، والتي هي نار جهنّم ، قد تمّ تأكيدها في الآية ، بكلمتي (مَذْمُوماً) و (مَدْحُوراً) إذ التعبير الأوّل يأتي بمعنى اللوم ، بينما الثّاني يعني الابتعاد عن رحمة الخالق ، وفي الحقيقة إنّ نار جهنّم تمثل العقاب الجسدي لهم ، أمّا «مذموم» و «مدحور» فهما عقاب الروح ، لأنّ المعاد هو للروح وللجسد ، والجزاء والعقاب يكون للإثنين معا.
بعد ذلك تنتقل الآيات إلى توضيح وضع المجموعة الثّانية ومصيرها ، وبقرينة المقابلة وهي أسلوب قرآني مميّز ـ يتوضح الموضوع أكثر إذ يقول تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً).
بناء على ذلك هناك ثلاثة شروط أساسية للوصول إلى السعادة الأبدية ، هي:
أوّلا : إرادة الإنسان : وهي الإرادة التي ترتبط بالحياة الأبدية ، ولا تكون مرتبطة باللذات الزائلة والنعم غير الثابتة ، والأهداف المادية ، فالإرادة القوية والروحية العالية تجعلان من الإنسان حرّا طليقا غير مرتبط بالدنيا.
ثانيا : هذه الإرادة يجب أن لا تكون ضعيفة وقاصرة في المجال الفكري والروحي للإنسان ، بل إنّها يجب أن تشمل جميع ذرات الوجود الإنساني ، وتدفعه للحركة ، ويبذل كل ما يستطيع من السعي في هذا المجال (يجب الملاحظة ، بأنّ كلمة «سعيها» قد جاءت في الآية الكريمة للتأكيد. وهي تعني أنّ على الإنسان أن يبذل أقصى ما يستطيع من السعي في سبيل الآخرة).
ثالثا : إنّ كل ما سبق من حيث عن الإرادة في النقطتين السابقتين ، ينبغي أن يقترن بالإيمان ، الإيمان الثابت القوي ، لأنّ أي تصميم وجهد ، إذا أريد له أن يثمر يجب أن تكون أهدافه صحيحة ، ومصدر هذه الأهداف هو الإيمان بالله لا غير.
صحيح أنّ السعي وبذل الجهد للآخرة لا يمكن أن يكون بدون إيمان ، حيث