البعض بمعنى الوعد للمستقبل فإنّ ذلك أحد مصاديقها.
نقرأ في الرّوايات ، أنّه بعد نزول هذه الآية ، كان إذا جاء شخص محتاج إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والرّسول لا يملك شيئا لإعطائه ، قال له صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يرزقنا الله وإيّاكم من فضله» (١).
وقديما عند ما كان السائل يطرق الباب ، ويطلب منّا شيئا لا نستطيع إعطاءه إيّاه ، نقول له «العفو» وذلك تأكيدا على أنّ لهذا السائل حق علينا يطالبنا به ، وإذا كنّا لا نملك قضاء حاجته وإعطاءه حقّه ، فإننا نطلب منه العفو.
الاعتدال هو شرط في كل الأمور بما فيها الإنفاق والمساعدة الآخرين ، لذلك تنتقل الآية للقول : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ). وهذا تعبير جميل يفيد أنّ الإنسان ينبغي أن يكون ذا يد مفتوحة ، لا أن يكون مثل البخلاء وكأنّ أيديهم مغلولة إلى أعناقهم بخلا وخشية من الإنفاق. ولكن في نفس الوقت تقرّر الآية أنّ بسط اليد لا ينبغي أن يتجاوز الحد المقرر والمعقول في الصرف والبذل والعطاء ، حتى لا ينتهي المصير إلى الملامة والابتعاد عن الناس : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).
و «تقعد» مشقّة من «قعود» وهي كناية عن التوقف عن العمل. أمّا تعبير ملوم» فهو يشير إلى أنّ عاقبة الإسراف لا تؤدي إلى توقف الإنسان عن عمله ونشاطه وحسب ، وإنّما تؤدي إلى إيقاع لوم الناس عليه.
«محسور» مشتقّة من كلمة «حسر» وهي في الأصل تعني خلع الملابس رفع الثوب وإظهار بعض البدن من تحته ، لذا يقال للمقابل الذي لم يلبس الخوذة والدرع ، بأنه «حاسر». وأيضا يقال للحيوان الذي يتعب من كثرة المشي بأنّه «حسير» أو «حاسر» بسبب استنفاذ طاقته وقدرته.
__________________
(١) يراجع تفسير مجمع البيان ، عند تفسير الآية.