وقد توسع هذا المفهوم فيما بعد بحيث أصبح يطلق على كل إنسان عاجز عن الوصول إلى هدفه بأنّه «حسير» أو «محسور» أو «حاسر».
أمّا كلمة «الحسرة» والتي تعني الغم والحزن ، فهي مشتقة من هذه الكلمة ، وتطلق على الإنسان الفاقد لقابلية حل المشاكل بسبب الضعف.
وكذلك بالنسبة للإنفاق ، فهو إذا تجاوز الحد المقرّر بحيث يستنفذ طاقة الإنسان ، فإنّه يؤدي إلى أن يصاب صاحبه بالغم والحزن بسبب الضعف عن أداء واجباته ومسئولياته ، وينقطع اتصاله وارتباطه بالناس.
وبعض الرّوايات التي تتحدث عن سبب نزول الآية تؤكّد هذا المعنى ، إذ أنّها تتحدث أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يوما في بيته فجاءه سائل يسأله إعطاءه ملابس ، ولمّا لم يكن مع الرّسول ما يعطي السائل ، فقد خلع لباسه وأعطاه إيّاه ، الأمر الذي أدّى إلى بقاء الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم في البيت وعدم خروجه في ذلك الوقت للصلاة.
وقد كان هذا الحادث سببا لتقولات الكفار المنافقين ، الذين قالوا : إنّ الرّسول نائم ، أو إنّه في لهو أنساه صلاته. وبذلك أدّى هذا العمل إلى إيقاع اللوم شماتة الأعداء والانقطاع عن الأصحاب ، وأصبح بذلك مصداقا للملوم والمحسور ، عندها نزلت الآية أعلاه تنهي الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تكرار هذا العمل.
أمّا عن التضاد القائم بين هذا الأمر ومسألة «الإيثار» فسنبحثه في الملاحظات القادمة إن شاء الله.
بعض الرّوايات تتحدث عن أنّ سبب نزول الآية ، هو أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعطي ما يوجد في بيت المال إلى المحتاج بحيث إذا جاءه محتاج آخر ، فلن يجد شيئا يعطيه له ، فيلوم ذلك المحتاج الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويؤذيه ، لذلك صدرت التعليمات بأن لا ينفق كل ما في بيت المال لمواجهة هذه المشكلات.
سؤال : لما ذا يجب أن يكون هناك مساكين وفقراء ومحرومون حتى ننفق عليهم؟ أليس من الأفضل أن يعطيهم الله ما يريدون حتى لا يحتاجون إلى إنفاقنا؟