يوم الوقت المعلوم؟
قال بعض المفسّرين : هو نهاية هذا العالم وانتهاء التكليف ، لأنّ بعد ذلك (كما يفهم من ظاهر الآيات القرآنية) تحلّ نهاية حياة جميع الكائنات ، ولا يبقى حي إلّا الذات الإلهية المقدسة ، ومن هذا نفهم حصول الموافقة على بعض طلب إبليس.
وقال بعض آخر : هو زمان معين لا يعلمه إلّا الله ، لأنّه لو أظهره عزوجل لكان لإبليس ذريعة في المزيد من التمرد والمعاصي.
وثمة من قال : إنّه يوم القيامة ، لأنّ إبليس أراد أن يكون حيا إلى ذلك اليوم ليكون بذلك من الخالدين في الحياة ، وإن يوم الوقت المعلوم قد ورد بمعنى يوم القيامة في سورة الواقعة (الآية) ، وهو ما يعزز هذا القول.
ويبدو أن هذا الاحتمال بعيد جدا لأنه يتضمن الموافقة الإلهية على كل طلب إبليس، والحال أن ظاهر الآيات المذكورة لا تعطي هذا المعنى ، فلم تبيّن الآيات أن الله استجاب لطلبه بالكامل ، بل يوم الوقت المعلوم ... ومن هنا يكون التّفسير الأوّل أكثر توافقا مع روح وظاهر الآية ، وكذلك ينسجم مع بعض الرّوايات عن الإمام الصّادق عليهالسلام بهذا الخصوص(١).
وهنا أظهر إبليس نيته الباطنية (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) وكان هذا الإنسان سببا لشقائي (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) نعمها المادية (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) بإلهائهم بتلك النعم.
إلّا أنّه يعلم جيدا بأن وساوسه سوف لن تؤثر في قلوب عباد الله المخلصين ، وأنّهم متحصنون من الوقوع في شباكه ، لأنّ قوة الإيمان ودرجة الإخلاص عندهم بمكان يكفي لدرء الخطر عنهم بتحطيم قيود الشيطان عن أنفسهم .. ولهذا نراه قد استثنى في طلبه (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٣ ، الحديث ٤٥.