ينشغلوا بشرابهم وشهواتهم ، لأجل نجاة الثلة المؤمنة من قومه (وهم أهله ما عدا زوجته).
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) وكن خلفهم كي لا يتخلف أحد منهم ولتكون محافظا ورقيبا لهم (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) وعلى أن يكون نظركم إلى الأمام (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) ، أي إلى أرض الشام ، أو أيّ مكان آخر يكون فيه الناس مطهرين من هذه الآثام.
ثمّ ينتقل مجرى الحديث حيث يقول تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) ، أي سوف لا يبقى منهم أحد عند الصباح.
ومن الملفت للنظر ، أن القرآن قد ترك القصّة عند هذا الحد وعاد إلى بدايتها ليعرض ما ترك القول فيه ـ لسبب سنشير إليه فيما بعد ـ فيقول : (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) أي إنّهم قد ظنوا بحصول لقمة جديدة سائغة عن طريق ضيوف لوط!
إنّ تعبير (أَهْلُ الْمَدِينَةِ) ليوحي إلى أن الذين تحركوا صوب منزل لوط عليهالسلام كانوا جمعا كبيرا ، وهو ما يوضح بجلاء تلك الوقاحة والقبح والجسارة التي كانوا عليها ، وخصوصا قوله (يَسْتَبْشِرُونَ) التي تحكي عمق تلوثهم بذلك الدرك السافل ، مع أنّ مثل هذا الفعل القبيح ربّما لا يشاهد حتى بين الحيوانات ، وإذا ما ابتلى به إنسان (والعياذ بالله) فإنّه سوف يحاول كتمه وإخفاؤه ، حيث أن الإتيان به مدعاة للتحقير والازدراء من قبل الآخرين .. أمّا قوم لوط ، فكانوا مستبشرين بذلك الصيد الجديد وكل يهنئ الآخر على ما سيصيبه من نصيب!!
وحينما سمع لوط أصواتهم وضجيجهم أغتم غمّا شديدا لأجل ضيوفه ، لأنّه ما كان يدري أنّهم ملائكة العذاب الى ذلك الوقت ولهذا (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ).
أي .. إن كنتم لا تؤمنون بالله ولا تصدقون بالنّبي ولا تعتقدون بثواب وعقاب ، فراعوا حق الضيافة التي هي من السنن المتعارف عليها عند كل