في صفاته الخاصّة .. هذه الفرضية لا تتناسب مع ظواهر آيات القرآن بأيّ وجه من الوجوه.
وتؤكّد مجدّدا أنّ مسألة تحوّل الأنواع ليست قانونا علميّا مسلّما ، بل هي مجرّد فرضيّة ـ لأنّ الشيء الذي امتدّ أصله إلى ملايين السنين وخفي فيها ، فمن المسلّم أنّه لا يخضع للتجربة والمشاهدة ، ولا يمكن أن يكون في مصاف القوانين العلمية الثابتة ـ بل هي فرضية لتوجيه ظاهرة تنوّع الأجناس التي ظهرت إلى الوجود توجيها تخمينيا ، ونحن نعلم أنّ الفرضيات في حالة تغيّر وتحوّل دائما حيث تخلي الساحة أمام الفرضيات الجديدة.
بناء على هذا ، فإنّه لا يمكن الاعتماد عليها مطلقا في المسائل الفلسفية التي تحتاج إلى أسس مسلّمة قطعية.
وقد أوردنا إيضاحا مفصّلا حول أسس فرضية تكامل الأنواع ، وعدم صحّتها ، تحت عنوان (القرآن وخلق الإنسان) في ذيل الآية (٢٨) من سورة الحجر.
وفي نهاية هذا البحث نرى لزاما ذكر هذه المسألة ، وهي أنّه ليس لفرضية التكامل أي ارتباط بمسألة التوحيد ومعرفة الله ، ولا تعتبر دليلا على نفي عالم ما وراء الطبيعة ، لأنّ الإعتقاد التوحيدي يقول : إنّ العالم قد خلق من قبل الله سبحانه ، وإنّه هو الذي أعطى كلّ خواص الموجودات ، ويشملها بفيضه في جميع المراحل.
إنّ هذا المعنى يمكن أن يقبله المعتقد بنظرية (ثبوت الأنواع) كما يقبله من يذهب إلى (تطور الأنواع) ، غير أنّ المشكلة الوحيدة التي يواجهها المعتقد بفرضية تحوّل الأنواع هي أنّ هذه الفرضيّة لا تتناسب مع التفصيل الذي بيّنه القرآن الكريم حول خلق آدم ، حيث يذكر كيفيّة خلقه من التراب والطين.
بناء على هذا فإنّنا ننفي فرضية التكامل لهذا السبب فقط ، لا بسبب مخالفتها لمسألة التوحيد. هذا من الناحية التّفسيرية.