تكامل عباد الله : مرحلة قبول الحقّ ، ثمّ الإيمان ، فالعمل ، والقرآن في هذه المراحل مصدر الهداية والبشارة والرحمة على الترتيب ـ تأمّلوا ذلك ـ.
ثمّ تصف الآية التالية المحسنين بثلاث صفات ، فتقول : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) فإنّ ارتباط هؤلاء بالخالق عن طريق الصلاة ، وبخلق الله عن طريق الزكاة ، ويقينهم بمحكمة القيامة باعث قوي على الابتعاد عن الذنب والمعصية ، ودافع لأداء الواجبات.
وتبيّن الآية الأخيرة ـ من الآيات مورد البحث ـ عاقبة عمل المحسنين ، فتقول : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
جملة (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) توحي بأنّ هداية أولئك قد ضمنت من قبل ربّهم من جهة ، ومن جهة اخرى فإنّ التعبير بـ (على) دليل على أنّ الهداية كأنّها مطيّة سريعة السير ، وأولئك قد ركبوها وأخذوا بزمامها ، ومن هنا يتّضح التفاوت بين هذه الهداية ، والهداية التي وردت في بداية السورة ، لأنّ الهداية الاولى هي الاستعداد لقبول الحقّ ، وهذه الهداية برنامج للوصول إلى الغاية والهدف.
ثمّ إنّ جملة (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) التي تدلّ على الحصر وفقا للقواعد العربية ، توحي بأنّ هذا الطريق هو الطريق الوحيد إلى الإخلاص ، طريق المحسنين ، طريق أولئك المرتبطين بالله وخلقه ، وطريق أولئك الذين يؤمنون إيمانا كاملا بالمبدأ والمعاد.
* * *