وَالْمُهاجِرِينَ) ولكن مع ذلك ، ومن أجل أن لا تغلق الأبواب بوجه المسلمين تماما وليكون بإمكان المؤمنين تعيين شيئا من الإرث لإخوانهم ـ وإن كان بأن يوصوا بثلث المال ـ فإنّ الآية تضيف في النهاية : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً).
وتقول في آخر جملة تأكيدا لكلّ الأحكام السابقة ، أو الحكم الأخير : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) ـ في اللوح المحفوظ أو في القرآن الكريم ـ.
كان هذا خلاصة تفسير الآية أعلاه ، والآن يجب أن نتطرّق إلى تفصيل كلّ واحد من الأحكام الأربعة التي وردت في هذه الآية :
١ ـ ما هو المراد من كون النّبي أولى بالمؤمنين؟
لقد ذكر القرآن في هذه الآية أولوية النّبي صلىاللهعليهوآله بالمسلمين بصورة مطلقة ، ومعنى ذلك أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أولى بالإنسان المسلم من نفسه في جميع الصلاحيات التي يمتلكها الإنسان في حقّ نفسه.
ومع أنّ بعض المفسّرين فسّروها بمسألة «تدبير الأمور الاجتماعية» ، أو «الأولوية في مسألة القضاء» ، أو «طاعة الأمر» ، إلّا أنّنا في الواقع لا نمتلك أي دليل على انحصار الآية في أحد هذه الأمور الثلاث.
وإذا لاحظنا في بعض الروايات الإسلامية تفسير الأولوية بـ «الحكومة» ، فهو في الحقيقة بيان لأحد فروع هذه الأولوية (١).
لذلك يجب أن يقال : إنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أولى من كلّ إنسان مسلم في المسائل الاجتماعية والفردية ، وكذلك في المسائل المتعلّقة بالحكومة والقضاء والدعوة ، وإنّ إرادته ورأيه مقدّم على إرادة أي مسلم ورأيه.
ولا ينبغي العجب من هذه المسألة ، لأنّ النّبي صلىاللهعليهوآله معصوم ووكيل لله سبحانه ، ولا يفكّر ويقرّر إلّا في صالح المجتمع والفرد ، ولا يتّبع الهوى أبدا ، ولا يعتبر
__________________
(١) وردت هذه الروايات في اصول الكافي ، وكتاب علل الشرائع. راجع تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، صفحة ٢٣٨ ـ ٢٣٩.