المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، لأنّ انتصار أحدهما على الآخر كان يعني انتصار الكفر على الإيمان ، أو الإيمان على الكفر ، وبتعبير آخر : كان عملا مصيريا يحدّد مستقبل الإسلام والشرك ، ولذلك فإنّ المشركين لم تقم لهم قائمة بعد انهزامهم في هذه المواجهة العظيمة ، وكانت المبادرة وزمامها بيد المسلمين بعدها دائما.
لقد أفل نجم الأعداء ، وانهدمت قواعد قوّتهم ، ولذلك نقرأ في حديث أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال بعد نهاية غزوة الأحزاب : «الآن تغزوهم ولا يغزوننا» (١).
ب ـ ذكر بعض المؤرخّين أنّ عدد أفراد جيوش الكفر كان أكثر من عشرة آلاف محارب ، ويقول «المقريزي» في «الإمتاع» : إنّ قريشا أتت لوحدها بأربعة آلاف رجل ، وألف وثلاثمائة فرس ، وألف وخمسمائة من الإبل ، ونزلت عند حافّة الخندق ، وجاءت قبيلة بني سليم بسبعمائة رجل والتقوا بهم في مرّ الظهران ، وجاء «بنو فزارة» بألف ، وكلّ من «بني أشجع» و «بني مرّة» بأربعمائة ، والقبائل الاخرى أرسلت عددا من الرجال ، فتجاوز مجموع كلّ من حضر عشرة آلاف رجل.
في حين أنّ عدد المسلمين لم يكن يتجاوز الثلاثة آلاف رجل ، وكانوا قد جعلوا مخيّمهم الأصلي أسفل جبل سلع ، وكانت نقطة مرتفعة جنب المدينة مشرفة على الخندق ، وكانوا يستطيعون عن طريق رماتهم السيطرة على حركة المرور من الخندق.
على كلّ حال ، فإنّ جيش الكفّار قد حاصر المسلمين من جميع الجهات ، وطالت هذه المحاصرة عشرين يوما ، وقيل خمسة وعشرين يوما ، وعلى بعض الرّوايات شهرا (٢).
ومع أنّ العدوّ كان متفوقا على المسلمين من جهات مختلفة ، إلّا أنّه خاب في النهاية كما قلنا ، ورجع إلى دياره خالي الوفاض.
__________________
(١) التاريخ الكامل لابن الأثير الجزء ٢ صفحة ١٨٤.
(٢) بحار الأنوار ، الجزء ٢٠ ، صفحة ٢٢٨.