الخمر ، ويفعل ما يفعل السكر (١). وهذا يبيّن أنّه حتّى أولئك كانوا مطّلعين على مفاسده أيضا.
وعند ما نرى في الرّوايات الإسلامية : أنّ الغناء ينبت النفاق ، فإنّه إشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ روح النفاق هي روح التلوّث بالفساد والابتعاد عن التقوى.
وإذا جاء في الرّوايات أنّ الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه غناء ، فبسبب التلوّث بالفساد ، لأنّ الملائكة طاهرة تطلب الطهارة ، وتتأذّى من هذه الأجواء الملوّثة.
ثانيا : الغفلة عن ذكر الله :
إنّ التعبير باللهو الذي فسّر بالغناء في بعض الرّوايات الإسلامية إشارة إلى حقيقة أنّ الغناء يجعل الإنسان عبدا ثملا من الشهوات حتّى يغفل عن ذكر الله.
وفي الآيات أعلاه قرأنا أنّ «لهو الحديث» أحد عوامل الضلالة عن سبيل الله ، وموجب للعذاب الأليم.
في حديث عن علي عليهالسلام : «كلّ ما ألهى عن ذكر الله (وأوقع الإنسان في وحل الشهوات) فهو من الميسر» (٢) ـ أي في حكم القمار ـ.
ثالثا : الإضرار بالأعصاب :
إنّ الغناء والموسيقى ـ في الحقيقة ـ أحد العوامل المهمّة في تخدير الأعصاب ، وبتعبير آخر : إنّ الموادّ المخدّرة ترد البدن عن طريق الفمّ والشرب أحيانا كالخمر ، وأحيانا عن طريق الشمّ وحاسّة الشمّ كالهيروئين ، وأحيانا عن طريق التزريق كالمورفين ، وأحيانا عن طريق حاسّة السمع كالغناء.
ولهذا فإنّ الغناء والموسيقى المطربة قد تجعل الأفراد منتشين أحيانا إلى حدّ يشبهون فيه السكارى ، وقد لا يصل إلى هذه المرحلة أحيانا ، ولكنّه يوجد تخديرا
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، الجزء ٢١ ، صفحة ٦٠.
(٢) وسائل الشيعة ، الجزء ١٢ ، صفحة ٢٣٥.