أنّ تغيير سياقها ـ حيث تبدّل ضمير الجمع المؤنث إلى ضمير الجمع المذكّر ـ دليل على أنّ لهذه الآية معنى ومحتوى مستقلا عن تلك الآيات ، ولهذا فحتّى أولئك الذين لم يعتبروا الآية مختّصة بمحمّد صلىاللهعليهوآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، فإنّهم اعتقدوا أنّ لها معنى واسعا يشمل هؤلاء العظام ونساء النّبي صلىاللهعليهوآله.
إلّا أنّ الرّوايات الكثيرة التي بين أيدينا تبيّن أنّ هذه الآية خاصّة بهؤلاء الأجلّاء ، ولا تدخل الزوجات ضمن الآية ، بالرغم من أنهنّ يتمتّعن باحترام خاصّ ، ونضع بين أيديكم بعضا من هذه الروايات :
أ: الرّوايات التي رويت عن أزواج النّبي صلىاللهعليهوآله أنفسهنّ ، والتي حدثن فيها : إنّ النّبي صلىاللهعليهوآله عند ما كل يتحدّث عن هذه الآية الشريفة سألناه : أنحن من أصحاب هذه الآية؟ فكان يجيب : بأنكنّ إلى خير ، ولكن لستنّ من أصحابها.
ومن جملتها الرواية التي رواها «الثعلبي» عن «امّ سلمة» في تفسيره ، وذلك أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله كان في بيتها إذ أتته فاطمة عليهاالسلام بقطعة حرير ، فقال النّبي صلىاللهعليهوآله : «ادعي لي زوجك وابنيك ـ الحسن والحسين ـ» فأتت به فطعموا ، ثمّ ألقى عليهم النّبي صلىاللهعليهوآله كساء له خيبريا وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا» فنزلت آية التطهير ، فقلت : يا رسول الله وأنا معهم؟ قال : «إنّك إلى خير» ولكنّك لست منهم (١).
ويروي «الثعلبي» أيضا عن «عائشة» أنّها عند ما سئلت عن حرب الجمل وتدخّلها في تلك الحرب المدمّرة الطاحنة ، قالت بأسف : كان ذلك قضاء الله.
وعند ما سئلت عن علي عليهالسلام قالت : تسأليني عن أحبّ الناس كان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وزوج أحبّ الناس كان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ لقد رأيت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهمالسلام ، وجمع رسول الله صلىاللهعليهوآله بثوب عليهم ثمّ قال : «اللهمّ هؤلاء أهل
__________________
(١) روى الطبرسي في مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث ، هذا الحديث بهذا المضمون بطرق متعدّدة عن أمّ سلمة. راجع شواهد التنزيل ، للحاكم الحسكاني ، المجلّد ٢ ، صفحة ٥٦ وما بعدها.