كانت خديجة قد اشترت قبل البعثة وبعد زواجها بالنّبي صلىاللهعليهوآله عبدا اسمه زيد ، ثمّ وهبته للنّبي صلىاللهعليهوآله فأعتقه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا طردته عشيرته وتبرّأت منه تبنّاه النّبي صلىاللهعليهوآله.
وبعد ظهور الإسلام أصبح زيد مسلما مخلصا متفانيا ، وأصبح له موقع ممتاز في الإسلام ، وكما نعلم فإنّه أصبح في النهاية أحد قوّاد جيش الإسلام في معركة مؤتة واستشهد فيها.
وعند ما صمّم النّبي صلىاللهعليهوآله على أن ينتخب زوجة لزيد ، خطب له «زينب بنت جحش» ـ والتي كانت بنت «أميّة بنت عبد المطلّب» ، أي بنت عمّته ـ فكانت زينب تظنّ أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله يريد أن يخطبها لنفسه ، فسرّت ورضيت ، ولكنّها لمّا علمت فيما بعد أن خطبته كانت لزيد تأثّرت تأثّرا شديدا وامتنعت ، وكذلك خالف أخوها عبد الله هذه الخطبة أشدّ مخالفة.
هنا نزلت الآية الاولى من الآيات مورد البحث وحذّرت زينب وعبد الله وأمثالهما بأنّهم لا يقدرون على مخالفة أمر يراه الله ورسوله ضروريا ، فلمّا سمعا ذلك سلّما لأمر الله.
إنّ هذا الزواج لم يكن زواجا بسيطا ـ كما سنرى ذلك ـ بل كان مقدّمة لتحطيم سنّة جاهلية مغلوطة ، حيث لم تكن أيّة امرأة لها مكانتها وشخصيتها في المجتمع مستعدّة للاقتران بعبد في زمن الجاهلية ، حتّى وإن كان متمتّعا بقيم إنسانية عالية.
غير أنّ هذا الزواج لم يدم طويلا ، بل انتهى إلى الطلاق نتيجة عدم الانسجام واختلاف أخلاق الزوجين ، بالرغم من أنّ النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان مصرّا على أن لا يتمّ هذا الطلاق.
بعد ذلك اتّخذ النّبي صلىاللهعليهوآله بأمر الله «زينب» زوجة له لتعوّض بذلك فشلها في زواجها ، فانتهت المسألة هنا ، إلّا أنّ همهمات وأقاويل قد ظهرت بين الناس ، وقد اقتلعها القرآن وعالجها في هذه الآيات التي نبحثها ، وسيأتي تفصيل ذلك ، إن