حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) وكان لا بدّ أن يتمّ هذا الأمر (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً).
«الأدعياء» جمع «دعي» ، أي الابن المتبنّى ، و «الوطر» هو الحاجة المهمّة ، وإختيار هذا التعبير في مورد طلاق زينب للطف البيان ، لئلّا يصرّح بالطلاق الذي يعدّ عيبا للنساء ، بل وحتّى للرجال ، فكأنّ كلا من هذين الشخصين كان محتاجا للآخر ليحيا حياة مشتركة لمدّة معيّنة ، وافتراقهما كان نتيجة لانتفاء هذه الحاجة ونهايتها.
والتعبير بـ (زَوَّجْناكَها) دليل على أنّ هذا الزواج كان زواجا بأمر الله ، ولذلك ورد في التواريخ أنّ زينب كانت تفتخر بهذا الأمر على سائر زوجات النّبي صلىاللهعليهوآله ، وكانت تقول : زوّجكنّ أهلوكنّ وزوّجني الله من السماء (١).
وممّا يستحقّ الانتباه أنّ القرآن الكريم يبيّن بمنتهى الصراحة الهدف الأصلي من هذا الزواج ، وهو إلغاء سنّة جاهلية كانت تقضي بمنع الزواج من مطلّقات الأدعياء ، وهذا بنفسه إشارة إلى مسألة كلّية ، وهي أنّ تعدّد زواج النّبي صلىاللهعليهوآله لم يكن أمرا عاديا بسيطا ، بل كان يرمي إلى أهداف كان لها أثرها في مصير دينه.
وجملة (كانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) إشارة إلى وجوب الحزم في مثل هذه المسائل ، وكلّ عمل ينبغي فعله يجب أن ينجز ويتحقّق ، حيث لا معنى للاستسلام أمام الضجيج والصخب في المسائل التي تتعلّق بالأهداف العامّة والأساسية.
ويتّضح من التّفسير الواضح الذي أوردناه في بحث الآية أعلاه أنّ الادّعاءات التي أراد الأعداء أو الجهلاء إسنادها لهذه الآية لا أساس لها مطلقا ، وسنعطي في بحث الملاحظات توضيحا أكثر في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
وتقول الآية الأخيرة في تكميل المباحث السابقة : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، المجلد ٢ ، ص ١٧٧. ومما يستحق الالتفات أن زواج النبي صلىاللهعليهوآله من زينب قد تم في السنة الخامسة للهجرة ، المصدر السابق.