المسألة أشجع الناس أحيانا ، إنّما العيب والنقص هو الخوف من أداء التكليف الإلهي في الحياة الاجتماعية.
٤ ـ هل كان الأنبياء يستعملون التقيّة؟
استفاد جماعة من هذه الآية أنّ التقيّة حرام مطلقا للأنبياء في تبليغ الرسالة ، لأنّ القرآن يقول : (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ).
غير أنّه يجب الانتباه إلى أنّ للتقيّة أنواعا ، ولم تنف الآية في مورد دعوة الأنبياء وإبلاغ الرسالة إلّا نوعا واحدا ، وهو التقيّة خوفا ، في حين أنّ للتقيّة أنواعا منها التقيّة مداراة وتورية.
والمراد من التقيّة المداراتية أن يكتم الإنسان عقيدته أحيانا لجلب محبّة الطرف المقابل ليقوى على استمالته للتعاون في الأهداف المشتركة.
والمراد من تقيّة «التورية» والإخفاء هو أنّه يجب أن تخفى المقدّمات والخطط للوصول إلى الهدف ، فإنّها إن أفشيت وانتشرت بين الناس وأصبحت علنية ، وأطلع العدوّ عليها فمن الممكن أن يقوم باجهاضها.
إنّ حياة الأنبياء ـ وخاصّة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ـ مليئة بموارد التقيّة هذه ، لأنّا نعلم أنّه صلىاللهعليهوآله كان كثيرا ما يخفي أهدافه ومقاصده عند ما كان يتوجّه إلى ميدان الحرب ، وكان يرسم خططه الحربية بخفاء تامّ ، وكان يستخدم أسلوب الاستتار والتخفّي ـ والذي هو نوع من التقيّة ـ في جميع المراحل.
وكان يتّبع أحيانا أسلوب «المراحل» ـ وهو نوع من التقيّة ـ لبيان حكم ما ، فمثلا نرى أنّ مسألة تحريم الربا أو شرب الخمر لم تبيّن في مرحلة واحدة ، بل تمت في مراحل متعدّدة بأمر الله سبحانه ، أي أنّها تبدأ من المراحل الأبسط والأسهل حتّى تنتهي بالحكم النهائي الأساسي.
وعلى أيّة حال ، فإنّ للتقيّة معنى واسعا ، وهو : (إخفاء الحقائق والواقع للحفاظ