والإمامان الحسن والحسين عليهماالسلام اللذان كانوا يسمّونهم أولاد النّبي رغم أنّهما بلغا سنين متقدّمة في العمر ، إلّا أنّهما كانا لا يزالان صغيرين عند نزول هذه الآية.
بناء على هذا فإنّ جملة : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) والتي وردت بصيغة الماضي ، كانت صادقة في حقّ الجميع قطعا.
وإذا ما رأينا في بعض تعبيرات النّبي صلىاللهعليهوآله نفسه أنّه يقول : «أنا وعلي أبوا هذه الامّة» فمن المسلّم أنّ المراد لم يكن الابوّة النسبية ، بل الابوّة الناشئة من التعليم والتربية والقيادة والإرشاد.
مع هذه الحال ، فإنّ الزواج من مطلقّة زيد ـ والذي بيّن القرآن فلسفته بصراحة بأنّه إلغاء للسنن الخاطئة ـ لم يكن شيئا يبعث على البحث والجدال بين هذا وذاك ، أو أنّهم يريدون أن يتّخذوه وسيلة للوصول إلى نواياهم السيّئة.
ثمّ تضيف : بأنّ علاقة النّبي صلىاللهعليهوآله معكم إنّما هي من جهة الرسالة والخاتمية فقط (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وبهذا قطع صدر الآية الارتباط والعلاقة النسبية بشكل تامّ وقطعي ، وأثبت ذيلها العلاقة المعنوية الناشئة من الرسالة والخاتمية ، ومن هنا يتّضح ترابط صدر الآية وذيلها.
هذا إضافة إلى أنّ الآية تشير إلى حقيقة هي : أنّ علاقته معكم في الوقت نفسه أشدّ وأسمى من علاقة والد بولده ، لأنّ علاقته علاقة الرّسول بالامّة ، ويعلم أنّ سوف لا يأتي رسول بعده ، فكان يجب عليه أن يبيّن لهذه الامّة ويطرح لها كلّ ما تحتاجه إلى يوم القيامة في منتهى الدقّة وغاية الحرص عليها.
ولا شكّ أنّ الله العليم الخبير قد وضع تحت تصرّفه كلّ ما كان لازما في هذا الباب ، من الأصول والفروع ، والكليّات والجزئيات في جميع المجالات ، ولذلك يقول سبحانه في نهاية الآية : (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
وينبغي الالتفات إلى أنّ كونه «خاتم الأنبياء» يعني أيضا أنّه خاتم المرسلين ، وما ألصقه بعض مبتدعي الأديان لخدش كون مسألة الخاتمية بهذا المعنى ، من أنّ