الإنسان يصل أحيانا إلى مرتبة من النضج الفكري والثقافي بحيث يكون قادرا على الاستمرار في طريقه بالاستعانة المستمرة بالأصول والتعليمات التي تركها له النّبي الخاتم بصورة جامعة ، دون أن يحتاج إلى شريعة جديدة.
وهذا الأمر يشبه تماما أن يكون الإنسان محتاجا لمعلّم جديد ومربّ آخر في كلّ مرحلة من مراحل الدراسة المختلفة ، حتّى يقضي المراحل المختلفة ، أمّا إذا حصل على الدكتوراه ، أو أصبح مجتهدا له رأيه في العلم أو العلوم المختلفة فإنّه لا يحتاج في دراسته إلى أستاذ جديد ، بل يباشر البحث والمطالعة والتحقيق استنادا إلى ما اكتسبه من الأساتذة السابقين ، وخاصّة استاذه الأخير.
وبتعبير آخر ، فإنّه يحلّ المشاكل والعقبات التي تعترضه بالاستعانة بتلك الأصول الكليّة التي تعلّمها من استاذه الأخير ، وبناء على هذا فلا حاجة لأنّ يظهر دين جديد على مرّ الزمان (تأمّلوا ذلك).
وببيان آخر ، فإنّ كلّ واحد من الأنبياء السابقين قد مهّد جانبا من مسير التكامل ليكون الإنسان قادرا على سلوك هذا الطريق الصعب نحو التكامل وينال الأهلية لاستقبال منهج كامل وجامع لهذا الطريق على يد آخر نبي أرسل من قبل الله تعالى.
من البديهي أنّه مع استلام الخريطة الكاملة والمخطّط الجامع سوف لا تكون هناك حاجة إلى مخطّط آخر ، وهذا في الحقيقة هو التعبير الذي ورد في الرّوايات الدالة على كونه صلىاللهعليهوآله خاتما ، والتي عدّت نبيّ الإسلام آخر لبنة ، أو واضع آخر لبنة في قصر الرسالة البديع المحكم. وكلّ ذلك يؤكّد عدم الحاجة إلى دين جديد وشريعة مستحدثة.
أمّا فيما يتعلّق بمسألة القيادة والإمامة ، والتي تعني الإشراف التامّ على تنفيذ هذه الأصول ، والأخذ بأيدي الناس في هذا الطريق ، فهي مسألة اخرى لا يمكن أن يستغني الإنسان عنها في أيّ حين ، ولذلك فإنّ ختام سلسلة النبوّة لا يعني أبدا