وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). (١) وهذا العلم يمكن تحقّقه عن طريق عرض أعمال الامّة على النّبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، وقد مرّ تفصيل ذلك في ذيل الآية المذكورة (١٠٥ من سورة التوبة).
وهو من جانب آخر شاهد على الأنبياء الماضين الذين كانوا شهودا على أممهم : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً). (٢)
ومن جهة ثالثة فإنّ وجودك بما لك من الصفات والأخلاق والبرامج والتعليمات البنّاءة ، إضافة إلى تاريخك المشرق وأعمالك المشرفة ، شاهد على أحقّية دينك ، وشاهد على عظمة الله وقدرته.
ثمّ تطرّقت الآية إلى الصفتين الثّانية والثالثة فقالت : (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) فهو مبشّر للمحسنين بثواب الله اللامتناهي .. بالسلامة والسعادة الخالدة .. بالظفر والتوفيق المليء بالفخر والاعتزاز .. ونذير للكافرين والمنافقين من عذاب الله الأليم .. من خسران كلّ رأسمال الوجود ، ومن السقوط في شراك التعاسة في الدنيا والآخرة.
وكما قلنا سابقا ، فإنّ البشارة والإنذار يجب أن يقترنا في كلّ مكان ، وأن يكون أحدهما معادل للآخر ، لأنّ نصف وجود الإنسان عبارة عن حبّه لجلب المنفعة ، ونصفه الآخر سعيه لدفع المضرّة عنه ، فالبشارة تشكّل الدافع على القسم الأوّل ، والإنذار على النصف الثاني ، فالمناهج التي تعتمد على جانب واحد لم تدرك حقيقة الإنسان ، ولم تدرك دوافعه وميوله (٣).
وأشارت الآية التالية إلى الصفة الرّابعة والخامسة ، فقالت : (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً).
* * *
__________________
(١) التوبة ، ١٠٥.
(٢) النساء ، ٤١.
(٣) لقد أوردنا بحثا مفصّلا في هذا الباب تحت عنوان أصلان تربويان مهمّان ، في ذيل الآية (١١٩) من سورة البقرة.