نوح حيث تقول : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً).
«السراج» في الأصل يعني المصباح الذي يضاء سابقا بواسطة الفتيلة والزيت ، وبواسطة الطاقة الكهربائية وأمثالها في العصر الحاضر ، فينبعث ضياؤه ونوره ، إلّا أنّه اطلق ـ على قول الراغب في مفرداته ـ على كلّ مصدر للنور فيما بعد ، وإطلاقه على الشمس من أجل أنّ نورها ينبع من داخلها ، ولا تكتسب نورها من مصدر آخر كالقمر.
إنّ وجود النّبي صلىاللهعليهوآله كالشمس المنيرة التي تزيح ظلمات الجهل والشرك والكفر عن سماء روح البشر ، لكن كما لا ينتفع العمي بنور الشمس ، وكما تخفي الخفافيش أنفسها عنه حيث لا طاقة لعيونها برؤية هذا النور ، فإنّ عمي القلوب العنودين المتعصّبين لم يستفيدوا ولن يستفيدوا من هذا النور مطلقا ، وكان أبو جهل وأمثاله يضعون أصابعهم في آذانهم حتّى لا يسمعوا صوت قرأنه ونغمته.
إنّ الظلام يبعث على الخوف والوحشة دائما ، والنور يبعث الاطمئنان والراحة ، فالسرّاق واللصوص يستغلّون ظلام الليل للسطو على الدور ونهب ما يقدرون عليه ، والحيوانات المفترسة تخرج من حجورها في ظلمة الليل غالبا.
الظلام يسبّب الفرقة ، والنور يسبّب الاجتماع ، ولذلك فإنّنا إذا أسرجنا سراجا في ليلة مظلمة فستجتمع حوله أنواع الحشرات في فترة قصيرة.
إنّ النور والضياء أساس نمو الأشجار ، ونضج الفواكه والأثمار ، والخلاصة : كلّ نشاطات الحياة ، وتشبيه وجود النّبي صلىاللهعليهوآله بمصدر للنور يبعث على تداعي كلّ هذه المفاهيم في الذهن.
إنّ وجود النّبي صلىاللهعليهوآله أساس الهدوء والاطمئنان ، وفرار لصوص الدين والإيمان ، وهرب الذئاب الضارية الظالمة لمجتمعاتها ، ويوجب هدوء الخاطر ، ونمو روح الإيمان والأخلاق ، والخلاصة : أساس الحياة والحركة ، وتأريخ حياته شاهد حي على هذا الموضوع.