تقول الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها).
لقد بيّن الله سبحانه هنا حكما استثنائيا من حكم عدّة النساء المطلّقات ، وهو أنّ الطلاق ، إن وقع قبل الدخول فلا تلزم العدّة ، ومن هذا التعبير يفهم أنّ حكم العدّة كان قد بيّن قبل هذه الآية.
إنّ التعبير بـ «المؤمنات» لا يدلّ على أنّ الزواج من غير المسلمات ممنوع تماما ، بل من الممكن أن يكون إشارة إلى أولوية المؤمنات ، وبناء على هذا فإنّه لا ينافي الروايات ومشهور فتاوى الفقهاء بجواز الزواج المؤقّت من الكتابيات.
ثمّ إنّه يستفاد من تعبير (لكم) وكذلك جملة (تعتدونها) أنّ انتظار عدّة المرأة يعتبر حقّا للرجل ، ويجب أن يكون هكذا ، لأنّ من الممكن أن تكون المرأة حاملا في الواقع ، وتركها العدّة وزواجها برجل آخر يجعل حال الولد غير معلوم ، ويؤدّي إلى ضياع حقّ الرجل إضافة إلى أنّ انتظار العدّة يمنح الرجل والمرأة فرصة لتجديد النظر والرجوع إلى بعضهما ، فقد يقع الطلاق نتيجة انفعالات شديدة ، ومثل هذه الفرصة والتفكير حقّ للرجل والمرأة معا.
وأمّا ما أورده البعض على هذا الحكم ، بأنّ العدّة إن كانت حقّا للرجل ، فبإمكانه أن يسقط حقّه ، فلا يصحّ ، لأنّ في الفقه حقوقا كثيرة لا يمكن إسقاطها ، كالحقّ الذي لورثة الميّت في أمواله ، أو الحقّ الذي للفقراء في الزكاة ، إذ لا يقدر أي أحد على إسقاط هذا الحقّ الشرعي.
ثمّ تتطرّق الآية إلى حكم آخر من أحكام النساء اللاتي يطلقن قبل المباشرة الجنسية ـ والذي سبقت الإشارة إليه في سورة البقرة أيضا ـ فتقول : (فَمَتِّعُوهُنَ) أي اعطوهنّ هدية مناسبة.
ولا شكّ أنّ تقديم هديّة مناسبة إلى المرأة يكون واجبا في حالة عدم تعيين المهر من قبل ، كما جاء في الآية (٢٣٦) من سورة البقرة (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ