مَعَكَ) وبهذا فإنّ اللّاتي يحلّ للنّبي الزواج منهنّ من بين جميع الأقارب : بنات العمّ والعمّة ، وبنات الخال والخالة ، وبشرط أن يكنّ قد هاجرن مع النّبي صلىاللهعليهوآله.
إنّ التحديد بهذه الفئات الأربع واضح ، إلّا أنّ شرط الهجرة من أجل أنّها كانت دليلا على الإيمان في ذلك اليوم ، وعدم الهجرة دليل على الكفر ، أو لأنّ الهجرة تمنحهنّ امتيازا أكبر وفخرا أعظم ، والهدف من الآية هو بيان النساء الفاضلات المؤهّلات لأن يصبحن زوجات للنّبي صلىاللهعليهوآله.
وهل لهذه الفئات الأربع التي ذكرت كحكم كلّي في الآية ، مصداق خارجي من بين نساء النّبي أم لا؟ إنّ المورد الوحيد الذي يمكن ذكره كمصداق هو زواجه صلىاللهعليهوآله بزينب بنت جحش ، الذي مرّت قصّته المثيرة في طيّات هذه السورة ، لأنّ زينب كانت بنت عمّة النّبي وكان «جحش» زوج عمّته (١).
٤ ـ (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) (من دون مهر) (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أي أنّ هذا الحكم خاص للنبي صلىاللهعليهوآله ولا يشمل سائر المؤمنين (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) وبناء على هذا فإذا كنّا قد حدّدنا بعض المسائل فيما يتعلّق بالزواج من هؤلاء النسوة ، فقد كان ذلك استنادا إلى مصلحة حاكمة في حياتك وحياتهن ، ولم يكن أيّ من هذه الأحكام والمقرّرات اعتباطيا وبدون حساب.
ثمّ تضيف الآية (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) وبالتالي ستكون قادرا على أداء المسؤوليات الملقاة على عاتقك في القيام بهذا الواجب (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
وفي مورد القسم الأخير ـ أي النساء اللّاتي لا مهر لهنّ ـ ينبغي الالتفات إلى
__________________
(١) ذكر بعض المفسّرين وجوها أوردها «الفاضل المقداد» في كنز العرفان ، في أنّه لماذا ورد العمّ بصيغة المفرد والعمّات بصيغة الجمع ، وكذلك الخال بصيغة المفرد والخالات بصيغة الجمع ، إلّا أنّ أفضلها هو أنّ العمّ والخال يستعملان كاسم للجنس في لغة العرب ، وليس كذلك العمّات والخالات ، وقد ذكر ابن العربي عرف أهل اللغة هذا (كنز العرفان ، المجلّد ٢ ، ص ٢٤١). وقد رجّح الآلوسي هذا الاحتمال في روح المعاني على كلّ الوجوه الاخرى.