بامرأة يستطيع النظر إليها من قبل نظرة تبيّن له هيكلها وأوصافها.
وحكمة هذا الحكم أن يختار الإنسان زوجته عن بصيرة تامّة ولا يندم ويأسف في المستقبل وهو ما يهدّد العلاقة الزوجية والكيان العائلي بالخطر ، كما ورد ذلك في حديث عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال لأحد أصحابه حينما أراد أن يتزوّج : «انظر إليها ، فإنّه أجدر أن يدوم بينكما» (١).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال في جواب هذا السؤال : هل يستطيع الرجل أن يدقّق النظر إلى المرأة إذا أراد الزواج منها وينظر إلى وجهها وخلفها : «نعم ، لا بأس أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوّجها ، ينظر إلى وجهها وخلفها» (٢).
والأحاديث الواردة في هذا الباب كثيرة ، وقد صرّح بعضها بأنّ هذه النظرة يجب أن لا تكون بدافع الشهوة وطلب اللذّة.
وواضح أيضا أنّ هذا الحكم خاصّ بالموارد التي يريد فيها الإنسان أن يتحقّق فعلا من المرأة التي يريد الزواج منها ، بحيث لو كانت الشروط مجتمعة فيها لتزوّجها ، أمّا الذي لم يصمّم على الزواج بعد ، بل يحتمله ، أو أنّه يريد مجرّد البحث ، فلا يجوز له النظر إلى النساء.
واحتمل البعض في هذه الآية أنّها إشارة إلى النظر للنساء صدفة ولا إراديا ، وعلى هذا فإنّ الآية لا تدلّ في هذه الحالة على الحكم المذكور آنفا ، وستكون الروايات هي الدليل الوحيد عليه. إلّا أنّ جملة : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) لا تنسجم مع نظرة الصدفة السريعة ، وبناء على هذا فإنّ دلالتها على الحكم المذكور تبدو بعيدة.
* * *
__________________
(١) تفسير القرطبي ، المجلّد ٨ ، صفحة ٥٣٠٣.
(٢) وسائل الشيعة ، المجلّد ١٤ ، الباب ٣٦ من أبواب مقدّمات النكاح الحديث ٣.