وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
وكذلك في الآية (٧٧) من سورة الإسراء عند ما يبيّن مؤامرة إبعاد النّبي أو قتله ، يضيف : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً).
يستفاد من مجموع هذه الآيات جيّدا أنّ المراد من السنّة في مثل هذه الموارد : القوانين الإلهيّة الثابتة والأساسية ، سواء التكوينية منها أم التشريعية ، التي لا تتغيّر مطلقا.
وبتعبير آخر : فإنّ لله سبحانه في عالم التكوين والتشريع قوانين وأصولا ثابتة ، كالقوانين الأساسية والدساتير المسنونة بين شعوب العالم والتي لا تتبدّل ، ولا تكون عرضة للتغيير ، وهذه القوانين الإلهية كانت حاكمة على الأقوام الماضين ، وتحكّمنا اليوم ، وستكون حاكمة في المستقبل على الأجيال الآتية.
إنّ نصرة النّبي ، وهزيمة الكفّار ، ووجوب تنفيذ أوامر الله والعمل بموجبها ، حتّى وإن أدّت إلى إثارة سخط الناس وعدم رضاهم ، عدم جدوى التوبة حين نزول العذاب الإلهي ، وأمثال ذلك هي جزء من هذه السنن الخالدة.
إنّ هذه التعبيرات تسلّي خواطر كلّ السائرين في طريق الحقّ ، وتمنحهم الهدوء والطمأنينة من جهة ، وتوضّح من جهة اخرى وحدة دعوة الأنبياء وانسجامها ، وتناسق القوانين الحاكمة على نظام الخلقة ونظام الحياة الإنسانية واتّحادها ، وهي في الحقيقة فرع من فروع التوحيد.
* * *