هنا ستنطلق صرخات حسرتهم ، و (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) فإنّا لو كنّا أطعناهما لم يكن ينتظرنا مثل هذا المصير الأسود الأليم.
(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (١).
(السادة) جمع «سيّد» ، وهو المالك العظيم الذي يتولّى إدارة المدن المهمّة أو الدول ، و «الكبراء» جمع «كبير» وهو الفرد الكبير سواء من ناحية السنّ ، أو العلم ، أو المركز الاجتماعي وأمثال ذلك. وبهذا فإنّ السادة إشارة إلى رؤساء البلاد العظام ، والكبراء هم الذين يتولّون إدارة الأمور تحت إشراف أولئك السادة ، ويعتبرون معاونين ومشاورين لهم ، وكأنّهم يقولون : إنّنا قد جعلنا طاعة السادة محل طاعة الله ، وطاعة الكبراء مكان طاعة الأنبياء ، فابتلينا بأنواع الانحرافات والتعاسة والشقاء.
من البديهي أنّ معيار السيادة وكون الشخص كبيرا بين أولئك الأقوام هو القوّة والسيطرة ، والمال والثروة الغير مشروعة ، والمكر والخداع. وربّما كان إختيار هذين التعبيرين هنا من أجل أنّهم يحاولون توجيه عذرهم ويقولون : لقد كنّا تحت تأثير العظمة الظاهرية لأولئك.
هنا تثور ثائرة هؤلاء الجهنميين الضالّين ، ويطلبون من الله سبحانه أن يزيد في عذاب مضلّيهم وعقابهم أشدّ عقاب فيقولون : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) ـ عذاب لإضلالهم ـ.
من المسلّم أنّ هؤلاء يستحقّون العذاب واللعن ، واستحقاقهم للعذاب المضاعف واللعن الكبير بسبب سعيهم في سبيل إضلال الآخرين ، ودفعهم إلى طريق الانحراف.
والطريف ما ورد في الآية ٣٨ من سورة الأعراف ، من أنّ هؤلاء المتّبعين
__________________
(١) إنّ الألف في «الرسولا» و «السبيلا» هي ألف الإطلاق ، ولتناسق آخر الآيات ، وإلّا فإنّ التنوين لا يجتمع مع الألف واللام مطلقا.