مِنْها).
ممّا لا شكّ فيه أنّ إباءها تحمل المسؤولية وامتناعها عن ذلك لم يكن استكبارا منها ، كما كان ذلك من الشيطان ، حيث تقول الآية (٢٤) من سورة البقرة : (أَبى وَاسْتَكْبَرَ) ، بل إنّ إياءها كان مقترنا بالإشفاق ، أي الخوف الممتزج بالتوجّه والخضوع.
إلّا أنّ الإنسان ، اعجوبة عالم الخلقة ، قد تقدّم (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
لقد تحدّث كبار مفسّري الإسلام حول هذه الآية كثيرا ، وسعوا كثيرا من أجل الوصول إلى حقيقة معنى «الأمانة» ، وأبدوا وجهات نظر مختلفة ، نختار أفضلها بتقصّي القرائن الموجودة في طيّات الآية.
ويجب التأكيد في هذه الآية العميقة المحتوى على خمس موارد :
١ ـ ما هو المراد من الأمانة؟
٢ ـ ما معنى عرضها على السماوات والأرض والجبال؟
٣ ـ لماذا وكيف أبت هذه الموجودات حمل هذه الأمانة؟
٤ ـ كيف حمل الإنسان ثقل الأمانة هذا؟
٥ ـ لماذا وكيف كان ظلوما جهولا؟
لقد ذكرت تفاسير مختلفة للأمانة ومن جملتها :
أنّ المراد من الأمانة : هي الولاية الإلهية ، وكمال صفة العبودية ، والذي يحصل عن طريق المعرفة والعمل الصالح.
أنّ المراد : صفة الإختيار والحرية والإرادة التي تميّز الإنسان عن سائر الموجودات.
أنّ المراد : العقل الذي هو ملاك التكليف ، ومناط الثواب والعقاب.
أنّ المراد : أعضاء جسم الإنسان ، فالعين أمانة الله ، ويجب الحفاظ عليها وعدم