مطّلع على كلّ هذا.
وكذلك فهو عارف وعالم بالنباتات التي تخرج من الأرض ، والناس الذين يبعثون منها ، بالعيون التي تفور بالماء منها ، بالغازات التي تتصاعد منها ، بالبراكين التي تلوّح بجحيمها ، بالحشرات التي تتّخذ أو كارا فيها ، وتخرج منها.
والخلاصة ، فهو عالم بكلّ الموجودات التي تلج الأرض وتخرج منها أعمّ ممّا نعلمه أو ما لا نعلمه.
ثمّ يضيف قائلا : (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها).
فهو يعلم بحبّات المطر ، وبأشعّة الشمس التي تنثر الحياة ، بأمواج الوحي والشرائع السماوية العظيمة ، وبالملائكة التي تهبط إلى الأرض لإبلاغ الرسالات أو أداء الأوامر الإلهيّة المختلفة. بالأشعة الكونية التي تدخل جو الأرض من الفضاء الخارجي ، بالشهب والذرّات المضطربة في الفضاء والتي تهوي نحو الأرض ، فهو تعالى محيط بهذا كلّه.
وكذلك فإنّه يعلم بأعمال العباد التي تعرج إلى السماء ، والملائكة التي تقفل صاعدة إلى السماء بعد أداء تكاليفها ، وبالشياطين الذين يرتقون إلى السماء لاستراق السمع ، وبفروع الأشجار التي تتطلّع برؤوسها إلى السماء ، وبالأبخرة التي تتصاعد من البحار إلى أعالي السماء لتتكاثف مكونة سحبا. وبالآهات التي تنطلق من قلب المظلوم متصاعدة إلى السماء ... نعم هو عالم بكلّ ذلك.
فهل هناك من مطّلع على كلّ ذلك غيره تعالى؟ وهل يمكن لعلوم جميع العلماء مجتمعة أن تحيط ولو بجزء من هذه المعلومات؟
وفي ختام الآية يضيف تعالى : (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).
لقد وصف الله تعالى نفسه بهاتين الصفتين إمّا لأجل أنّه من جملة الأمور التي تعرج إلى السماء أعمال العباد وأرواحهم فيشملها برحمته ...
أو لأنّ نزول البركات والعطايا السماوية تترشّح من رحمته ، والأعمال