الكريم!
(الرزق الكريم) يشمل كلّ رزق ذي قيمة ، ومفهوم ذلك واسع إلى درجة أنّه يشمل كلّ المواهب والعطايا الإلهية ، ومنها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وبتعبير آخر فإنّ «الجنّة» بكلّ نعمها المعنوية والماديّة جمعت في هذه الكلمة ، والبعض فسّر «الكريم» بأمرين : الجيد والخالي من المنغّصات ، ولكن يبدو أنّ مفهوم الكلمة أوسع من ذلك بكثير.
ثمّ تضيف الآية الكريمة التالية ، موضّحة نوعا آخر من العدالة فيما يخصّ عقاب المذنبين والمجرمين ، فيقول تعالى : إنّ الذين كذّبوا آياتنا وسعوا في إنكارها وإبطالها وتصوّروا أنّهم يستطيعون الخلاص من دائرة قدرتنا .. (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ).
فهناك كان الحديث عن «الرزق الكريم» وهنا عن «الرجز الأليم».
«الرّجز» : في الأصل بمعنى الاضطراب وعدم القدرة على حفظ التوازن ، ومنه قيل «رجز البعير رجزا» فهو أرجز ، وناقة «رجزاء» إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فيها. وأجبرت على تقصير خطواتها لحفظ توازنها ، ثمّ أطلقت الكلمة على كلّ ذنب ورجس. كذلك فإنّ إطلاق كلمة «الرجز» على المقاطع الشعرية الخاصّة بالنزال في الحرب ، من باب قصر مقاطعها وتقاربها.
على كلّ حال فالمقصود من (الرجز) هنا ، أسوأ أنواع العذاب ـ الذي يتأكّد بإرداف كلمة «الأليم» أيضا وأنواع العقوبات البدنية والروحية الأليمة.
والتفت البعض إلى هذه النكتة ، وهي أنّ القرآن الكريم حين ذكر نعم أهل الجنّة لم يستعمل كلمة «من» ليدلّل على سعتها ، بينما جاءت هذه الكلمة عند ذكر العذاب لتكون دليلا على محدوديته النسبية ، ولتتضح رحمته تبارك وتعالى.
«سعوا» : من السعي ، بمعنى كلّ جهد وجدّ في أمر ، والمقصود منها هنا ، الجدّ