المطالبة بالأجر والمكافأة ، وكذلك بشارة الأمم وإنذارها ، في حين أنّ أيّا من هذه الأمور لم يذكر في شأن لقمان ، والذي ورد هو مجموعة مواعظ خاصّة مع ولده (رغم شموليتها وعموميتها) ، وهذا دليل على أنّه كان رجلا حكيما وحسب.
وفي حديثه عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : «حقّا أقول : لم يكن لقمان نبيّا ، ولكن كان عبدا كثير التفكّر ، حسن اليقين ، أحبّ الله فأحبّه ومنّ عليه بالحكمة».
وجاء في بعض التواريخ : أنّ لقمان كان عبدا أسود من سودان مصر ، ولكنّه إلى جانب وجهه الأسود كان له قلب مضيء وروح صافية ، وكان يصدق في القول من البداية ، ولا يمزج الأمانة بالخيانة ، ولم يكن يتدخّل فيما لا يعنيه (١).
واحتمل بعض المفسّرين نبوّته ، لكن ـ كما قلنا ـ لا يوجد دليل على ذلك ، بل لدينا شواهد واضحة على نقيض ذلك.
وجاء في بعض الرّوايات : أنّ شخصا سأل لقمان : ألم تكون ترعى معنا؟ قال:نعم.
قال الرجل : فمن أين أتاك كلّ هذا العلم والحكمة؟
قال : قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، والصمت عمّا لا يعنيني (٢).
وورد كذلك في ذيل الحديث الذي نقلناه عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : «كان لقمان نائما نصف النهار ، إذ جاءه نداء : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحقّ؟ فأجاب الصوت : إن خيّرني ربّي قبلت العافية ، ولم أقبل البلاء ، وإن عزم عليّ فسمعا وطاعة ، فإنّي أعلم أنّه إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني.
فقالت الملائكة : دون أن يراهم : لم يا لقمان؟
قال : لأنّ الحكم أشدّ المنازل وآكدها ، يغشاه الظلم من كلّ مكان ، إن وقي فبالحري أن ينجو ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وفي
__________________
(١) قصص القرآن. شرح أحوال لقمان.
(٢) مجمع البيان ذيل الآيات مورد البحث.